فيردا أوزير – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

كان لاستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وقع الصاعقة على أجندة الأحداث في العالم. لأن هناك أمور غريبة تحيط بهذه الاستقالة!

قبل كل شيء أعلن رئيس الوزراء استقالته على الهواء مباشرة، وقال إنه يشعر بتهديد على حياته. وعلاوة على ذلك، جاء الإعلان في السعودية وليس في بلاده.

ولأن البلد الذي يرأس حكومته هو لبنان، تصبح الأمور أغرب. لأن الكل يعلم أنه عندما يعطس لبنان فإن الشرق الأوسط برمته يكون مصابًا بالزكام.

أذهان المتابعين مشوشة، هل استقال الحريري تحت ضغوط من السعودية؟ أم أنه نجا بصعوبة من الاغتيال في بيروت، ولجأ إلى الرياض؟

التنافس السعودي الإيراني

عند النظر إلى ما وراء المشهد يتضح أن السعودية أرغمت الحريري على الاستقالة. والسبب بسيط: التافس السعودي الإيراني.

فإيران تتمتع اليوم بنفوذ غير مسبوق في المنطقة. والسعودية تسعى إلى الإطاحة بها بأسرع ما يمكن طالما أنها حصلت على دعم قوي وعلني من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتعلم الرياض بضرورة تنفيذ ذلك في لبنان ساحة الصراع السني الشيعي.

حمل الحريري لواء الجناح السني حتى اليوم في لبنان الذي مزقه الصراع الطائفي. لكنه كان يتعرض للكثير من الانتقاد من جهة أخرى لعدم حزمه الكافي تجاه حزب الله، مطية إيران في لبنان.

وفوق ذلك، تسرب إلى الإعلام عدة مرات محاولته إقامة اتصالات سرية مع الأسد، حليف إيران. ومن الواضح أن تنفيذ الجيش اللبناني عملية عسكرية مشتركة في سوريا مع حزب الله ضد تنظيم داعش كان القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للسعودية.

انهارت الحكومة اللبنانية مع رحيل الحريري، ولم يكن لبنان قد تخلص من أزمته الرئاسية التي استمرت سنتين ونصف، إلا العام الماضي. وتأجلت الانتخابات التي كانت مزمعة في مايو إلى أجل غير مسمى.

ويبدو أن أن البلاد لن تخرج من هذه الفوضى إلا بعد مضي وقت طويل. وستحاول السعودية إضعاف حزب الله من خلال ربط هذا الوضع بعدم قدرة الحزب على إدارة البلاد. ولا شك أن الخطوة التالية هي العمل على نزع سلاحه.

كما أن الحريري لديه هم آخر وراء الاستقالة! وهو حماية ثروته. فهو ورث عن والده شركة أوغر العملاقة في مجال الاتصالات والإعلام والبناء. وهناك من يقول إن الحريري وافق الاستقالة للحيلولة دون فقدان الشركة، وأنه عبّر عن ولائه لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بهذه الطريقة.

التوقيت لا يخلو من مغزى

توقيت إقدام السعودية على هذه الخطوة لا يخلو من مغزى. ففي نفس الفترة، تعيش السعودية انقلابًا في العائلة الحاكمة، وولي العهد يوقف عشرات الأمراء والوزراء بتهم الفساد، في عملية غير مسبوقة في المملكة. ويُقال إن جميع الموقوفين يعارضون سياسة ولي العهد العدائية ضد إيران.

التوقيت له مغزى آخر، وهو تزامنه مع إعلان ترامب عقوبات جديدة ضد حزب الله والحرس الثوري الإيارني، علاوة على تلميحه إلى إلغاء الاتفاق النووي مع إيران.

وخلاصة الأمر أننا مقبلون على فترة سوف يتعرض فيها كل من يقترب من إيران إلى ما لا يسره. ومن المهم جدًّا أن تضع أنقرة في حسبانها من الآن فصاعدًا هذا التوازن في علاقاتها مع طهران.

عن الكاتب

فيردا أوزير

كاتبة صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس