ترك برس

وسط تبادل رفع الرسوم الجمركية بين أنقرة وواشنطن، الذي بدأه قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مضاعفة الرسوم على الصُّلب التركي، يعتقد مُحلّلون أن هذه الإجراءات لن تُخرج صُنّاع الصُّلب الأتراك خارج القطاع، وإنّما ستدفع بهم إلى أسواق جديدة.

فعلى الرغم من التعرفات الجمركية الأمريكية، التي فُرِضَت لوضع مزيد من الضغط على تركيا لإطلاق سراح القس الأمريكي آندرو برانسون الذي تتهمه أنقرة بالارتباط بمنظمات إرهابية، قد أثّرت على صادرات تركيا، إلا أن طلب الأسواق العالمية على الصُّلب آخِذٌ في الازدياد، كما أن الليرة مُنخفضة السّعر تجعل الصُّلب التركي جذابًا للمُشترين.

وحيث أن الصين، أكبر مُنتجي الصُّلب في العالم، تتّخذ خطوات لتقليل صادراتها، رُبّما يواجه العالم نقصًا في هذه السّلعة، حسبما صرح في الشهر الماضي، كريستيان جرجس المُحلّل من بنك سوسيتة جنرال الفرنسي.

وهُنا يأتي دور صادرات الصُّلب التركية، إذ يرى محلّلون أن سوق الصُّلب مليء بالسيولة وبالطلب المتزايد.

وقال سيث روزنفيلد، المُحلّل في مؤسسة جيفريز الدولية، في حوار مع شبكة بلومبيرغ: “إن الطلب العالمي قوي كفاية لدرجة تجعله عاملًا مُخفّفًا لتعويض التقلبات التركية”، مضيفًا أن هناك طلب يكفي لنقل الصادرات التركية إلى أي مكان.

وقد كانت الولايات المتحدة في العام الماضي أكبر الأسواق لصادرات الصُّلب التركية، رغم انخفاض الصادرات بسبب الرسوم الجمركية.

ومع ذلك، رغم التعرفات الأمريكية على الصُّلب، فإن صادرات القطاع نمت بنسبة 26.7 بالمئة إلى 8.4 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، بالمقارنة مع 6.6 مليار دولار في الفترة نفسها من عام 2017.

في هذه الفترة، سُجِّلت أعلى الصادرات في قطاع الصُّلب إلى إيطاليا بقيمة 659.9 مليون دولار، وأظهرت أن تركيا بدأت تبتعد عن السوق الأمريكية، مُفضّلةً أوروبا كبديل. ونتيجة لذلك، سٌجِّل الانخفاض الأكبر في صادرات الصُّلب في الولايات المتحدة الأمريكية، لتظل عند مستوى 552.1 مليون دولار، بانخفاض قدره 250.4 مليون دولار.

وفي الأثناء، حلّت تركيا في المرتبة الثانية في أوروبا من حيث إنتاج الصُّلب، وبين أكثر 10 دول في الصادرات. وصدّرت إلى 200 دولة، لتحلّ الثامنة في العام من حيث الإنتاج، وبلغت قدراتها الإنتاجية من الصُّلب 50 مليون طن.

وعلى الرغم من الحمائية الآخذة بالانتشار في أوروبا، مثل فرض تعرفات جمركية بنسبة 25 بالمئة على البضائع التي تتجاوز الكوتا المُحدّدة، إلا أن من المرجّح أن يتميز الصُّلب التركي في أوروبا من حيث السعر المناسب والجودة العالية.

وأشار روزنفيلد، إلى أن إجراءات الحماية الأوروبية ينبغي أن تكون كافية لمنع تدفق الصادرات، ولكن ضمن الكوتا، ويمكن لعدة دول أن تتنافس على هذه الكوتا، مثل تركيا والهند والصين وروسيا، وفي ظل الظروف الحالية، يُرجح أن تحوز تركيا الحصة الأكبر من هذا الأسواق بسبب ميزة الكلفة المُنافسة.

هذا وكانت شركة “ألاموس غولد” الكندية للتعدين، قد أشادت على لسان رئيس مجلس إدارتها جون ماكلوسكي، بقوة الاقتصاد التركي، مؤكدة أنهم سيواصلون استثماراتهم في تركيا.

وأضاف في حديث لقناة “بي إن إن بولمبرغ”، حول توتر العلاقات الأمريكية، إن تركيا دولة نامية واقتصادها قوي، وهي سادس أهم اقتصاد في آلية التجارة بالاتحاد الأوروبي.

وأشار إلى أن العديد من الخبراء الاقتصاديين يؤكدون أن تركيا ستحتل مرتبة أعلى اقتصاديا في المستقبل، وقال: “الولايات المتحدة ستود رؤية إقامة علاقات ودية مع تركيا على المدى الطويل، وليس من مصلحة الغرب أن تنجر تركيا إلى نقطة تعادي فيها الغرب”.

وقد زادت التوترات بين تركيا والولايات المتحدة بسبب مواصلة حبس القس الأمريكي برونسون قيد الإقامة الجبرية، المُتّهم بتهم تتعلق بالإرهاب والتجسس.

وفي مطلع آب/ أغسطس الجاري، شهدت العلاقات بين أنقرة وواشنطن انخفاضًا شديدًا، بسبب العقوبات التي فرضتها واشنطن على وزيرين تركيين، بذريعة عدم إطلاق سراح برونسون.

وفي الأسبوع الماضي، زاد ترامب حدّة التصعيد بمضاعفة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الألومنيوم والصّلب التركية.

وكردّ على ذلك، رفعت تركيا التعرفات الجمركية على عدد من البضائع الأمريكية، مثل الكحول والتبغ والسيارات.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!