إسماعيل ياشا - العرب القطرية

تركيا عانت كثيرا من الحكومات الائتلافية وصراعات أحزابها الداخلية التي كانت من أهم أسباب حالة عدم الاستقرار السياسي وكذلك عدم الاستقرار الاقتصادي، وعاشت في سبعينيات القرن الماضي أزمات سياسية خانقة، ولذلك قام المجلس الاستشاري الذي شكَّله الجنرالات بعد الانقلاب العسكري في 12 سبتمبر 1980 بإدراج حاجز %10 في الدستور كشرط لدخول البرلمان.

ماذا يعني حاجز %10؟ يعني أن أي حزب سياسي يخوض الانتخابات البرلمانية يجب عليه أن يحصل على %10 أو أكثر من أصوات الناخبين على مستوى البلاد ليتمكن من دخول البرلمان. وأما الحزب الذي يحصل على أقل من %10 من الأصوات فيبقى خارج البرلمان.

الأحزاب الكردية الموالية لحزب العمال الكردستاني المحظور كان أعضاؤها يخوضون الانتخابات البرلمانية في السابق كمرشحين مستقلين، وليس ضمن قائمة حزب، ليتجاوزوا هذه العقبة، ثم ينضمون إلى أحزابهم بعد فوزهم في الانتخابات وأدائهم اليمين الدستوري. ولكن حزب الشعوب الديمقراطي بزعامة صلاح الدين دميرتاش اتخذ قرارا ليخوض مرشحوه الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في السابع من يونيو المقبل ضمن قائمة الحزب بدلا من أن يخوضوا كمرشحين مستقلين، إن لم يغير الحزب هذا القرار في اللحظة الأخيرة.

ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الحزب واثق من أنه يمكن أن يحصل على %10 أو أكثر من أصوات الناخبين في الانتخابات، مع أن النسبة التي حصلت عليها الأحزاب الموالية لحزب العمال الكردستاني في الانتخابات السابقة كانت تدور حول %5. وكان مجموع الأصوات التي حصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي وحزب السلام والديمقراطية الذي حل نفسه في نهاية أبريل الماضي لينضم إلى الأول، حوالي %6، إلا أن رئيس الحزب صلاح الدين دميرتاش حصل على %9.76 في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي خاضها مع منافسيه مرشح حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان ومرشح المعارضة أكمل الدين إحسان أوغلو، ولعل هذا ما شجع الحزب على تغيير سياستها بشأن الانتخابات وحاجز %10.

حزب الشعوب الديمقراطي تم تأسيسه كخطوة للحركة السياسية الكردية نحو الانفتاح على اليسار التركي، ويجمع تحت مظلته تيارات يسارية صغيرة. وهذه المحاولة آتت أكلها في الانتخابات الرئاسية وحصل دميرتاش على ما يقارب %10 من الأصوات. وهل يمكن أن يكرر الحزب هذا النجاح ويزيد عليه نسبة قليلة من الأصوات ليتمكن من تجاوز حاجز %10؟ يدور الآن في الساحة السياسية التركية نقاش ساخن حول هذا السؤال، لأن نجاح حزب الشعوب الديمقراطي في تجاوز حاجز %10 أو فشله سوف يغير عدد المقاعد التي ستحصل عليها الأحزاب الأخرى خاصة حزب العدالة والتنمية الحاكم.

أجواء الانتخابات البرلمانية تختلف عن أجواء الانتخابات الرئاسية وبالتالي لن يكون من السهل أن يتجاوز حزب الشعوب الديمقراطي حاجز %10، وإن حصل على %10 من الأصوات فسيكون في البرلمان التركي على الأقل 55 نائباً منه وقد يزيد هذا العدد، ولكنه إن لم يحصل على هذه النسبة فسيبقى خارج البرلمان وسيكون حزب العدالة والتنمية أكبر مستفيد من هذا الغياب ويتجاوز عدد نوابه في البرلمان 330 نائبا ويتمكن من صياغة الدستور الجديد وعرضه على الاستفتاء الشعبي ليقول الشعب التركي كلمته.

زيادة أصوات حزب الشعوب الديمقراطي برئاسة صلاح الدين دميرتاش في الانتخابات البرلمانية المقبلة تعني تراجع أصوات حزب الشعب الجمهوري، لأن الأول أيضا يصنف نفسه كحزب يساري يسعى إلى جمع اليساريين تحت مظلته ويتهم الثاني بأنه لم يعد حزبا يساريا بسبب تحالفه مع جماعة كولن وحزب الحركة القومية اليميني في الانتخابات الرئاسية.

دميرتاش، في إطار سعيه لجمع أكبر قدر من التأييد لحزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات، قام بزيارة صلاح الدين أوز غوندوز، زعيم الشيعة الاثني عشرية في تركيا. وكان أوزغوندوز عبر عن استعداده للقتال دفاعا عن النظام السوري "حتى لا تسبى زينب مرة أخرى"، حسب تعبيره، وكانت طائفته صوَّتت في الانتخابات السابقة لصالح حزب الشعب الجمهوري.

حزب العدالة والتنمية برئاسة أحمد داود أوغلو سيسعى في هذه الانتخابات للحصول على 330 مقعداً أو أكثر في البرلمان ولا شك في أن تجاوز حزب الشعوب الديمقراطي حاجز %10 أو عدم تجاوزه سينعكس سلبا أو إيجابا على حسابات حزب العدالة والتنمية والأحزاب الأخرى؟.

عن الكاتب

إسماعيل ياشا

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس