حسن بصري يالتشين – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

أصادف في الآونة الأخيرة عبارة تتكرر بكثرة. "تركيا تتبع استراتيجية توازن". وبحسب ما فهمت فإن البعض يحملون هذا المصطلح معانٍ مختلفة.

غير أن التوازن اصطلاحًا هو مفهوم له مكان معين يُستخدم فيه ومن غير المعقول إطلاقه عشوائيًّا. في الواقع، هو من المصطلحات الأكثر استخدامًا على الصعيد الدولي لكن قلة هم من يعرفون معناه الحقيقي.

يسعى من يقولون إن تركيا تتبع استراتيجية توازن للحديث عن النجاح في الآونة الأخيرة على صعيد السياسة الخارجية التركية، وعلى الأخص في سوريا.

بالإمكان وصف السياسة التي تتبعها تركيا بالكثير من الصفات لكن الخطأ الأكبر هو وصفها بأنها سياسة توازن.

تركيا لا تتبع استراتيجية توازن، ولا داعي لذلك. فاستراتيجية التوازن هي سلوك دفاعي. عندما تختار الدول الطرف الذي تدعمه في نزاع ما تتخذ موقفًا ضد أحد اللاعبين. هذه هي سياسة التوازن ولها أشكال مختلفة.

بعض الدول تقول إنها تقيم التوازن في مواجهة القوي، والبعض الآخر يؤكد أنه يحقق التوازن لمجابهة الأخطار. لكن على أي حال إقامة التوازن عبارة عن إبداء رد فعل.

أي أن الذي يقيم التوازن ليس من يبادر ويواصل المبادرة، وإنما من يقف في مواجهة صاحب المبادرة. مثال على ذلك، تحالف الألمان والروس في مواجهة نابليون عندما حاول السيطرة على أوروبا، هذه سياسة توازن نموذجية.

اتحاد الفرنسيين والبريطانيين ضد هتلر يعتبر أيضًا سياسة توازن. إذا لاحظتم في المثالين، من يقيم التوازن هو دائمًا لاعب يؤيد استمرار الوضع الراهن، أي يتخذ موقفًا ضد التغيير.

غير أن تركيا أطلقت مناورة في سوريا. فهي تفتح لنفسها مجالات جديدة، وتنفذ عمليات متقدمة في سوريا. تركيا لا تتحد مع روسيا في مواجهة الولايات المتحدة أو العكس.

تحاول تركيا بناء العلاقة التي تقيمها مع الدولتين المذكورتين على أساس أجندة إيجابية، وليس على مبدأ المجابهة.

على سبيل المثال، يمكننا اعتبار وقوف الولايات المتحدة في مواجهة تركيا من خلال دعم حزب الاتحاد الديمقراطي، سياسة توازن.

لكن اتفاق تركيا مع الولايات المتحدة للتضييق على حزب الاتحاد الديمقراطي أو التفاهم مع روسيا من أجل دخول عفرين ليس ساسية توازن.

 اللاعبون الذين يتبعون سياسة توازن لا يحققون مكاسب، وإنما يسعون للمحافظة على ما بيدهم. اعتبار ما قامت به تركيا من خطوات في سوريا سياسة توازن أقل ما يقال عنه هو أنه مضحك.

يعتقدون أن سير تركيا باتزان يعني استراتيجية توازن. نحمد الله أن السياسة متقدمة على الأكاديمية بفارق كبير. فبينما تحقق السياسة نجاحات على الساحة يفشل المحللون حتى في تعريف ذلك، وهذا من أبسط الأمثلة على ضعف عالمنا الفكري.

هذه الحالة ليست مقبولة على الإطلاق. بينما تسطر تركيا التاريخ يتوجب على البعض أن ينجحوا في تسجيل النجاحات والانجازات.

عن الكاتب

حسن بصري يالتشين

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس