صحيفة كوميرسانت الروسية - ترجمة وتحرير ترك برس

أعلنت السلطات التركية عن تأجيل شراء أنظمة الصواريخ المُضادة للطائرات "باتريوت" الأمريكية نظرا لأن شروط الصفقة "لا تناسبها على الإطلاق". ومن المتوقع أن تتسلم أنقرة أنظمة الدفاع الجوي إس-400 الروسية في أوائل تموز/ يوليو، في ظل غياب ما يهدد هذه الصفقة. ولكن هذه التطورات قد تحول دون بذل كل من أنقرة وواشنطن مزيدا من الجهد لتحسين علاقاتهما بعد المواجهة الدبلوماسية المرهقة بينهما.

يوم الأربعاء الماضي، أجرى وكيل وزارة الدفاع التركية لشؤون الصناعات العسكرية، إسماعيل دمير، مقابلة مع قناة "إن تي في" التلفزيونية تحدث فيها عن تنفيذ البلاد لأكبر صفقات الأسلحة. وقد أكد دمير أن مسألة شراء أنظمة إس-400 الروسية تجري كما كان مخططا لها منذ عام.

في هذا السياق، أكد إسماعيل دمير أنه "في تموز/ يوليو القادم ستبدأ عمليات تسليم الأنظمة الروسية، وبحلول شهر تشرين الأول/ أكتوبر سينطلق تشغيلها في تركيا". أما فيما يتعلق بشراء أنظمة "باتريوت" الأمريكية، فقد أشار إسماعيل دمير إلى وجود مشاكل عديدة: "طلبنا من الولايات المتحدة شراء أنظمة باتريوت، فجاء الرد على ذلك بعد سنة ونصف. بالإضافة إلى ذلك، قدمت الولايات المتحدة شروطا وتفاصيلا لا يمكن القبول بها".

تكمّل هذه التصريحات البيان الذي أدلى به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم السبت، إلا أنها تبدو أكثر صرامة ووضوحا. وقبل صعود أردوغان إلى طائرته المتجهة إلى مدينة سوتشي، صرح قائلا "وقّعت تركيا اتفاقها مع روسيا على أنظمة إس-400 الروسية ولا يمكن التراجع عن هذا الاتفاق". وأضاف أردوغان موضحا "في الحقيقة نحن لا نمانع امتلاك أنظمة باتريوت الأمريكية، وإنما يجب أن يخدم الاتفاق مصالح بلادنا. وعلى الرغم من موقف الإدارة الأمريكية الإيجابي فيما يتعلق بإمدادات أنظمة الدفاع الجوي، إلا أنها لا تقدم لنا أي ضمانات مناسبة".

طوال السنة الماضية، حاولت واشنطن ثني أنقرة عن شراء أنظمة الصواريخ الروسية إس-400، مشيرة إلى استحالة دمج الأنظمة الروسية مع أسلحة حلف شمال الأطلسي. ومع ذلك، تجاهلت أنقرة كل هذه الحجج. وفي كانون الأول/ ديسمبر، وافقت إدارة الرئيس الأمريكي على بيع أنظمة صواريخ "باتريوت" المضادة للطائرات إلى أنقرة مقابل 3.5 مليار دولار، مما بشّر بإمكانية تحسن العلاقات بين أنقرة وواشنطن بعد التوتر الكبير خلال سنة 2018.

ولكن من الواضح أن هذه الافتراضات كانت متسرّعة، إذ مازال موقف واشنطن سلبيا تجاه أنقرة، خاصة إزاء مسألة شراء أنظمة إس-400. وقد صرحت الإدارة الأمريكية: "لن نجلس مكتوفي الأيدي بينما يشتري حلفاء الناتو أسلحة من خصومنا". وقال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس في مؤتمر الأمن الدولي الذي عقد في ميونيخ يومي 16 و17 شباط/ فبراير: "لا يمكن ضمان الدفاع عن الغرب إذا زاد حلفاؤنا الاعتماد على الشرق".

تحدث إسماعيل دمير بثقة تامة عن الصفقة المتعلقة بمقاتلات إف-35، وأكد في المقابلة أن تركيا ستتسلم أول طائرتين الشهر المقبل. وفي الصيف الماضي، منع الكونغرس الأمريكي تسليم المقاتلتين إلى تركيا في ظل تدهور العلاقات الأمريكية التركية آنذاك. وفي نهاية السنة الماضية، أكد أردوغان من جانبه أن أنقرة تنوي شراء 120 مقاتلة من طراز إس-35.

أشار مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات رسلان بوخوف، إلى أن "خطر عدم شراء أنظمة باتريوت والمقاتلات الأمريكية لا يزال قائما. وهذا يمثل تهديدا حقيقيا بالنسبة للإدارة الأمريكية، إذ أن مائة طائرة تعتبر ربحا جيدا جدا بالنسبة للولايات المتحدة. كما أن استعداد تركيا لشراء الأسلحة من روسيا يمثل نصرا كبيرا بالنسبة لموسكو".

حسب مدير مركز دراسة تركيا الحديثة في موسكو أمور هاجييف، فإن مستوى الثقة بين أنقرة وواشنطن في تراجع مستمر، خاصة مع تواصل رغبة تركيا في إنشاء نظام دفاع جوي خاص بها ومستقل عن الولايات المتحدة. وأشار هذا الخبير إلى أن "علاقات تركيا مع جميع الدول الغربية متشابهة. وفي ظل هذه الظروف، تتوقع أنقرة أن يفرض الأمريكيون عقوبات".

لا تواجه تركيا خطر دمج أنظمة إس-400 الروسية مع أنظمة حلف شمال الأطلسي، نظرا لأنها في الأساس تسعى لإنشاء نظام مشابه تحت سيطرتها. ومن ناحية أخرى، لم تقدم روسيا أنظمتها فقط، بل قدمت عدة خدمات لأنقرة متمثلة في خدمات التدريب ونقل بعض التكنولوجيات وهو ما يخدم مصالح أنقرة

تعليقا على عدم وضوح سياسة تركيا فيما يتعلق بعلاقاتها مع موسكو، أوضح الخبير الروسي في المجلس الروسي للشؤون الدولية تيمور أخميتوف أن "اختيار أنقرة لأنظمة إس-400 الروسية بدلا من باتريوت هي مسألة مُرتبطة بمراعاة المصالح الوطنية لتركيا المتناسقة مع مسألة الإمدادات العسكرية، التي تخدم الأمن القومي لتركيا". لكن لا يجب أن ننسى أن الولايات المتحدة تملك أدوات فعالة ومؤثرة. وبناء على هذا، لا يزال غير واضح ما إذا كانت تركيا على استعداد للمُخاطرة بالتعاون مع الشركات الأمريكية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!