ترك برس

في إطار مشروع "غرب البلقان في مفترق الطرق: تقييم أنشطة التأثير الخارجي" الذي أطلقه معهد براغ للدراسات الأمنية، نشر المعهد تقريرا حول دور المساعدات التي تقدمها تركيا في تعزيز صورتها بين البوسنيين الذين ينظرون إلى تركيا على أنها أكبر حليف لبلدهم.

ويقول التقرير إن العلاقات التركية البوسنية لها جذور بعيدة ترجع إلى الإرث الأمد للحكم العثماني في البوسنة والهرسك، والذي انتهى عندما احتلته النمسا - المجر في عام 1878. ثم أتاح انقسام يوغوسلافيا ونهاية الحرب البوسنية في عام 1995 فرصة لكلا البلدين لإعادة العلاقات وتعزيزها.

ويذكر التقرير أن من بين الطرق التي استخدمتها تركيا لدعم العلاقة مع البوسنيين، تقديم المساعدة الإنمائية للبوسنة من خلال وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا".

ويلفت إلى أن المساعدة الإنمائية تعد أداة للقوة الناعمة والدبلوماسية العامة، ومن ثم ينبغي التأكيد على هذا العنصر أو الآثار الجانبية للمساعدة الإنمائية عندما يتعلق الأمر بدور تيكا بوصفها الأداة الفاعلة للحكومة التركية الأكثر بروزًا في البوسنة والهرسك.

ويوضح أنه منذ عام 1995، نفذت تيكا أكثر من 800 مشروع في دولة البلقان التي مزقتها الحرب. وتركزت هذه المشروعات على التعليم والصحة والزراعة وترميم التراث الثقافي. وهدفت المشروعات المتعلقة بالصحة والزراعة إلى تحديث المستشفيات أو دعم للمزارعين المحليين.

غير أن أبرز قطاع من أعمال تيكا هو ترميم التراث المعماري العثماني، بما في ذلك الجسور والمساجد وغيرها من المعالم التي دمرها الصرب البوسنيون أو القوات العسكرية الكرواتية خلال حرب 1992.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك إعادة بناء مسجد الإمبراطور في سراييفو الذي نفذته تيكا بين عامي 2014 و2015. وتكلف ترميم المسجد نحو 1.3 مليون يورو، وأعيد افتتاحه في احتفال حضره الرئيس البوسني السابق بكير عزت بيغوفيتش، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتشمل قائمة المواقع العثمانية التاريخية التي رممتها وكالة تيكا، مسجد سارينا في توزلا، وجسر محمد باشا سوكولوفيتش الشهير على نهر دارينا بشرق البوسنة، وأرشيف الدولة في سراييفو، كما تشمل المنزل الذي ولد فيه الرئيس البوسني السابق، علي عزت بيغوفيتش في بوسانسكي شاماك.

ورأى المعهد أن أن هذه المشاريع ساعدت بلا شك في الحفاظ على التراث الثقافي المجيد للعصر العثماني في البوسنة والهرسك،كما أنها تعزز من صورة تركيا والنظر إليها كصديق مهم.

وإلى جانب مشاركتها في إعادة ترميم التراث العثماني، كان لوكالة تيكا تأثير كبير في التعليم في البوسنة، إلى جانب جهات تركية أخرى. فعلى سبيل المثال افتتح مستثمرون أتراك في مطلع الألفية الجديدة جامعتين خاصتين دوليتين في سراييفو، كما استهدف دعم التعليم كليات الدولة. وافتتحت كلية الفلسفة في زينيتشا مكتبة تمولها تيكا في قسم اللغة التركية في عام 2013.

وارتفعت نسبة التبادل الطلابي بين البلدين تدريجيا خلال السنوات الأخيرة، وزاد عدد المدارس التي تقدم التركية كلغة ثانية.

ويقول التقرير إن تركيا إلى جانب دورها كمانح كبير، تحاول تقديم نفسها كمستثمر كبير في البوسنة. فعلى سبيل المثل، وعد الرئيس أردوغان خلال زيارته للبلاد في عام 2018، بالاستثمار التركي في طريق سراييفو - بلغراد السريع الذي تبلغ تكلفته 3 مليارات يورو.

وأضاف أن صورة تركيا كصديق عظيم، وحامية للبوشناق في البوسنة، وكمستثمر رئيسي، تعزز العلاقة الوثيقة بين حزب العمل الديمقراطي وحزب العدالة والتنمية بقيادة اردوغان.

وأردف أنه على الرغم من أن بيانات وكالة ترويج الاستثمار الأجنبي في البوسنة، تظهر أن تركيا ليست حتى من بين أكبر عشرة مستثمرين أجانب في البلاد، فإن استراتيجية تركيا تؤتي ثمارها.

وأوضح أنه في عام 2017، أجرى مكتب المعهد الجمهوري الدولي الأمريكي استطلاعًا للرأي في سراييفو أظهر أن صورة تركيا في البوسنة إيجابية للغاية.

وقال نحو 26 في المئة من البوسنيين الذين شملهم الاستطلاع إنهم يعدون تركيا الحليف الأكبر لبلادهم. وفيما يتعلق بالمساعدة الإنمائية، قال 22 في المئة إنهم يعتقدون أن تركيا هي أكبر مانح منفرد للبوسنة والهرسك، ويرتفع هذا الرقم إلى 38 في المئة بين البوشناق المسلمين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!