ترك برس

استعرض تقرير في وكالة الأناضول الرسمية التركية آراء خبراء حول انعكاس الاضطرابات الاقتصادية في الأرجنتين بشكل إيجابي على تركيا مقارنة ببلدان أخرى.

ونقلت الوكالة عن مصدر في مصرف "جيه بي مورغان" الأمريكي)، قوله إنه "على الرغم من أن الأزمة في الأرجنتين لها تأثير سلبي على الاقتصاديات الناشئة، فإن هذا سيوفر أيضا بعض الفرص لتركيا التي تبدو أفضل نسبيا مقارنة بالآخرين".

وأضاف المصدر (طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب القيود المفروضة على التحدث إلى وسائل الإعلام): مثل هذه المشكلات ليست قاصرة على الأرجنتين فحسب، بل تواجهها أيضا اقتصاديات ناشئة أخرى مثل روسيا والبرازيل والمكسيك، مما دفع المستثمرين الأجانب إلى العودة لتركيا".

ونوه إلى العقوبات المفروضة على روسيا بسبب أزمة شبه جزيرة القرم، مشيرا إلى أن مؤسسات مالية مثل البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، ومقرها واشنطن، قد حولت وجهتها إلى تركيا.

وتابع: "الأسواق المالية لا تقاس بالأسود والأبيض"، مضيفا أن الاضطراب الاقتصادي في الأرجنتين يمكن أن يكون له آثار سلبية وأخرى إيجابية على الاقتصاد التركي.

وواجهت الأرجنتين، الواقعة في أمريكا الجنوبية، اضطرابات مالية هائلة في الأسابيع القليلة الماضية، بسبب حالة الغموض التي تكتنف الانتخابات الرئاسية المقبلة، والتي تتسبب في اهتزاز سلطة الرئيس موريسيو ماكري، الذي يتبع سياسات صديقة للأعمال.

عندما تولى الرئاسة في 2015، تعهد ماكري بإنعاش الاقتصاد الأرجنتيني، لكن بعد أقل من ثلاث سنوات كان عليه اختيار اللجوء لصندوق النقد الدولي.

وأبرمت الأرجنتين اتفاقا مع صندوق النقد الدولي منتصف 2018، لبرنامج قروض بقيمة 57 مليار دولار يهدف إلى إقناع المستثمرين الأجانب بالاستثمار في البلاد، إضافة إلى دعم الحكومة في مكافحة العجز المالي والتضخم المتزايد.

لكن الصندوق لم يكن مفيدا كما هو متوقع، وتسببت تدابير التقشف في احتجاج الأرجنتينيين – الذين يحمّلون سياسات صندوق النقد مسؤولية "تدمير الاقتصاد" في أوائل العقد الأول من القرن العشرين - على حكومة ماكري وسط تصاعد التوترات بشأن ارتفاع أسعار المستهلكين.

أيضا، سارع المستثمرون الأجانب إلى بيع "البيزو" وسط تصارع العملة المحلية مع الاضطرابات.

وقال إرهان أسلان أوغلو، الأستاذ بجامعة "بيري ريس" في إسطنبول، إن تركيا والأرجنتين لديهما ديناميكيات مختلفة من حيث أساسياتهما الاقتصادية.

وأوضح: "الأولى لديها ديون من القطاع الخاص بينما تعاني الأخيرة من ديون حكومية والنمو الاقتصادي القائم على الائتمان والعجز الحالي في الموازنة".

وأضاف أن الأرجنتين لم تستطع إعادة التوازن إلى اقتصادها منذ العام الماضي، على الرغم من قرض صندوق النقد الدولي وارتفاع أسعار الفائدة على أموالها.

واستطرد: "تركيا لها قصة مختلفة، ففي أعقاب أزمة العملة التي حدثت العام الماضي، نجحت البلاد في تحقيق عملية إعادة التوازن"، مشيرا إلى أن الاقتصاد نما بمعدل أبطأ في الربع الثاني 2019 مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة.

لكن أحدث الأرقام الرسمية لتركيا، أظهرت أن أداء الاقتصاد كان أفضل من التوقعات، وذلك بفضل الاستهلاك المحلي والتصدير والسياحة والمحفزات المالية.

حذر نيكاتي كوتلو، مدير مركز دراسات أمريكا اللاتينية بجامعة أنقرة، من ضرورة توخي الحذر الشديد في تقييم النظرة الاقتصادية للبلدين، لأن هناك اختلافات كبيرة من حيث الخصائص الديمغرافية.

وقال: "يختلف البلدان في الخصائص الديموغرافية، فعلى سبيل المثال يبلغ عدد سكان تركيا 82 مليون نسمة، بينما يصل عدد سكان الأرجنتين إلى النصف تقريبا".

وأشار إلى اختلاف آخر، وهو أن تركيا بلد سياحي حيث تدر عليها السياحة عائدات دورية لا تتمتع بها الأرجنتين.

وأضاف: "هذا فرق مهم، لا يمكننا تجاهل حقيقة أن هذا الجانب ساعد تركيا في إعادة توازن اقتصادها خلال صدمة العملة". ورأى أن الأرجنتين ما تزال أمامها فرصة للتغلب على هذه الأزمة.

وأوضح: "الأرجنتين بلد كبير للغاية، حيث تبلغ مساحته مليونين و780 ألفا و400 كيلومتر مربع من الأراضي الخصبة، مما يجعلها ذات كثافة سكانية منخفضة إضافة إلى إمكانات كبيرة للزراعة".

كما لفت أن الانتخابات المقبلة، من المرجح أن تغير السلطة ولكن لن تكون هناك تغييرات جذرية في السياسة الأرجنتينية، مما يشير إلى أن البلاد "لن تتحول إلى فنزويلا أخرى".

كان لصندوق النقد الدولي دور محوري في إدارة الأزمة الاقتصادية العالمية، ولقيت مشاركته في ذلك نقدا وثناء في نفس الوقت، ضمن محاولاته تعزيز الاستقرار المالي.

وجلبت التطورات الأخيرة في الاقتصاد الأرجنتيني هذه القضية إلى الطاولة مرة أخرى، ويبدو أن هناك بعض الدروس التي يمكن لبعض البلدان النامية الاستفادة منها.

ويرى بعض الاقتصاديين أن أساسيات برامج صندوق النقد الدولي، تحتاج إلى بعض التعديلات، مشيرين إلى أن تلك البرامج تركز أساسا على تقليل العجز الحكومي.

وقال أصلان أوغلو، إن النهج الرئيسي لبرامج صندوق النقد الدولي ليس خاليا من الإشكاليات، حيث يركز فقط على تقليل العجز الحكومي.

وأضاف: "لقد رأينا ذلك من خلال تجربة الصندوق في اليونان، من خلال برامج تفرض تخفيضات في الإنفاق الاجتماعي".

وقد أثارت إجراءات التقشف التي أصدرها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في عام 2010 - في مقابل مساعدات إنقاذ ضخمة - انتقادات في جميع أنحاء اليونان.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!