الجزيرة نت

رفع الطلب المتزايد على المحال التجارية بمدينةإسطنبول التركية قيمة إيجارها السنوي إلى حد غير مسبوق، ووضع ثلاثة من الشوارع التجارية في المدينة على قائمة العشرة الأغلى في العالم من ناحية الارتفاع السنوي لأسعار الإيجارات.

ووفقا لتصنيف الشركة الدولية للاستشارات العقارية "كوشمان آند ويكفيلد"، فقد ارتفعت أسعار إيجارات المحال في شارع الاستقلال الشهير بنسبة 27% ليصبح ثاني أغلى شارع في العالم، في حين ارتفعت قيمة الإيجارات في شارع بغداد بنسبة 24% ليحتل موقع سادس أغلى شارع في العالم، بينما حل شارع عبدي إيبكتشي في الموقع العاشر عالميا وبنسبة ارتفاع مقدارها 21% مقارنة بأسعار الإيجارات العام الماضي.

وبينما يعتبر المحللون الاقتصاديون نسبة الارتفاع السنوي لأسعار إيجارات المحال التجارية مؤشرا هاما على أداء الاقتصاد ومستقبله، وعلى حجم الأعمال والتجارة والسيولة النقدية، وعاملا هاما في حساب احتمالات الكساد الاقتصادي، يشتكي مستأجرو المحال التجارية من أن ارتفاع إيجاراتها وأسعار بيعها بما يعود سلبا عليهم وعلى الزبائن.

أسواق إسطنبول

ووفقا لخبراء اقتصاديين فإن الطلب المتزايد على استثمار المحال التجارية في هذه الشوارع يعود إلى عوامل تتعلق بواقع الاقتصاد التركي وخصوصية هذه الشوارع بالتحديد، إضافة لعوامل تتعلق بالجغرافيا وتاريخ الحركة التجارية فيها.

فقد ربط المهندس عبد الله أداك بين الإقبال على استئجار المحال بهذه الشوارع الثلاثة وبين النمو الكبير للاقتصاد التركي في الأعوام العشرة الأخيرة، موضحا أن ارتفاع الدخل السنوي للفرد من نحو 3500 دولار عام 2002 إلى 11 ألف دولار عام 2014 ساهم في توسع الطبقات الوسطى وما فوق الوسطى وتحسين قدراتها الشرائية.

وأشار الخبير في الاستثمار العقاري إلى أن الواقع المناخي المعتدل بصفة عامة لإسطنبول يشجع المتسوقين المحليين والزوار الأجانب على ممارسة التسوق في المحال المنتشرة بالشوارع أكثر من إقبالهم على شراء احتياجاتهم من المجمعات التجارية.

وفي حديثه للجزيرة نت أوضح أداك أن ارتفاع الإيجارات بشارع الاستقلال يعود أيضا لكونه يجتذب الطبقات الغنية منذ القرن الـ15 للعمل في التجارة والسفارات الدولية، الأمر الذي استقطب العلامات الدولية لافتتاح فروعها في هذا الشارع.

كما أشار إلى أن منطقة تقسيم -التي تضم شارعي الاستقلال وعبدي إيبكتشي- تحتوي قرابة نصف عدد الأسرّة الفندقية بإسطنبول، وبالتالي فإن جل المتسوقين فيها من السياح الذين ينتمون لطبقات اقتصادية تسمح لهم بالتسوق من الأسواق الغالية الأسعار.

العرض والطلب

بدوره قال أواب أردال الذي يدير محلا للأحذية في شارع الاستقلال إن ارتفاع الأسعار السنوي بات يزعج التجار إلى حد كبير ويحدّ من قدرتهم على تحقيق الربح.

وأضاف أن اعتماد المجتمع التركي بشكل كبير على التسوق باستخدام البطاقات البنكية التي تسمح للزبون بالشراء دينا ساهمت في الحفاظ على القدرة الشرائية من الشوارع الثلاثة رغم ارتفاع أسعار السلع متأثرة بزيادة الإيجار.

وتشير التقارير الاقتصادية التركية إلى أن القدرة الشرائية للمستهلك المحلي تبلغ نحو 19 ألف دولار سنويا بزيادة قدرها ثمانية آلاف دولار عن قيمة الدخل الفردي، الأمر الذي يفسره الاعتماد على بطاقات الشراء البنكية (كرديت كارد).

وأوضح التاجر التركي للجزيرة نت أن أصحاب المحال التجارية في الشوارع الثلاثة الأغلى بإسطنبول يحافظون على زبائنهم بتوفير البضاعة العالية الجودة التي تستطيع إقناع الزبون بشرائها مهما بلغ ثمنها، مما يضطرهم لشراء بضاعة بأسعار تفوق أسعار البضاعة نفسها التي يشتريها التجار في مواقع أخرى، وهو الأمر الذي يزيد في الأعباء الملقاة على كاهلهم.

محدودية المواقع

أما الخبير في شؤون الاستثمار نخل الفيصل فيعزو القفزة الكبيرة في إيجارات هذه الشوارع على وجه التحديد إلى قدرتها الكبيرة في الجذب السياحي ولمحدودية المساحات المخصصة للإيجار والاستثمار داخلها.

وأضاف للجزيرة نت أن طبيعة البناء القديم في الشوارع الثلاثة لا تسمح بإنشاء مرافق جديدة مما جعل الطلب على المواقع المتوفرة أعلى بكثير من العروض القائمة للاستئجار.

وكان سوق التجزئة التركي قد ذكر في تقرير عن النشاط الاقتصادي بإسطنبول للعام 2014 أنه يكاد يكون من المستحيل الآن إيجاد أي محلّ تجاري متاح في شارعي الاستقلال وبغداد الواقع بالشطر الآسيوي من المدينة.

وأوضح الفيصل أن الارتفاع الكبير في إيجار المحلات ينعكس بصورة مباشرة على أسعار السلع، غير أنه استبعد أن يؤدي ذلك إلى كساد هذه السلع نظرا لتنوعها بين العلامات التجارية العالمية والمحلية ولتجدد المتسوقين في هذين الشارعين بشكل يومي واستهدافهما من قبل السياح.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!