أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

مرت الأزمة السورية من مراحل مختلفة. بينما تضاءلت فرص الحل مع مرور الأيام، تكونت أجزاء قصة الأزمة في الواقع من هذه الفرص الضائعة.

لا بد من القول بصراحة إن أي فاعل في الأزمة السورية، باستثناء تركيا، لم يبذل جهدًا من أجل إيجاد حل إنساني، ولم يكن لدى أي منهم أجندة من هذا القبيل.

كان بإمكان هؤلاء الفاعلين حماية حياة مئات الآلاف من المدنيين عبر خطوات صغيرة يقدمون عليها في بداية أو حتى منتصف الأزمة.

لم يضعوا سوريا على أجندتهم إلا في سياق التنافس الإقليمي أو العالمي وعندما بدأت تداعياتها تؤثر عليهم. أقدموا على خطوات صغيرة ومتأخرة.

تهربوا من المسؤولية، وأدلوا بالكثير من البيانات وظنوا أنهم سيكونون "أصحاب التميز الأخلاقي" من خلال الأقوال فقط. 

البعض واصل اتباع سياسة القرود الثلاثة في سوريا، وسعى لتحويل تركيا إلى كبش فداء، وهي التي بذلت قصارى جهدها من تحقيق أمنها وسلامة المدنيين السوريين. 

لأن تركيا تفضح علنًا الانحطاط الأخلاقي لدى هؤلاء الفاعلين، وضعف مبادراتهم، ومراوغاتهم وتعاونهم مع التنظيمات الإرهابية.

وحدها تركيا تتحمل العبء الإنساني في سوريا، وتحافظ على معنى وجود المؤسسات الدولية. 

في هذا الإطار، بلورت عملية درع الربيع خلال أسبوع واحد حقائق جديدة، شكلت من خلالها منعطفات هامة في الأزمة السورية المستمرة منذ سنين. 

على سبيل المثال، حطمت تركيا أسطورة أنظمة الدفاع الجوي السورية، التي كانت واشطن تتحدث عنها بمبالغة في عهد أوباما. واستطاعت بإمكانياتها الوطنية تحييد الكثير من أنظمة الدفاع الجوي روسية الصنع. 

اضطرت مقاتلات النظام السوري إلى الفرار أمام الطائرات المسيرة ومقاتلات إف-16 التركية، وعادت إلى المطارات خشية الإصابة. فجاء رد تركيا باستهداف هذه المطارات.

لو أن المجتمع الدولي نفذ عمليه مشابهة لهذه العملية التركية عام 2012 في عموم سوريا لما تحدثنا اليوم عن داعش وبي كي كي وأزمة المهاجرين ومئات الآلاف من القتلى. 

بينما كانت تركيا تنفذ عملية إنسانية على الصعيد الميداني من جهة، دعمتها بالإمكانيات العسكرية من جهة أخرى، وفي النهاية أجبرت النظام السوري على الهدنة. 

بينما كانت المفاوضات مستمرة مع روسيا كان العالم الغربي جالس في مقاعد المتفرجين. لم يتخذ مبادرة في ظل هذه الظروف، وحتى لم يدعم مبادرة تركيا في أزمة اللاجئين التي تهمه عن كثب. 

يتوجب على العالم الغربي أن يجري محاسبة ذاتية بخصوص الأزمة التي تعيشها أوروبا. لم يعد هناك أي شيء قادر على تغطية عيوبه وتناقضاته.

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس