ترك برس

تناولت تقارير إعلامية أبعاد قرار السلطات التركية حظر تداول الليرة في 3 بنوك أجنبية تزامنًا مع حملة تلاعب استهدفت العملة المحلية.

وحظرت تركيا تداول الليرة على "بي.ان.بي باريبا" و"سيتي بنك" و"يو.بي.إس"، بعد تسجيل العملة مستوى قياسيا منخفضا جديدا مقابل الدولار يوم الخميس.

وتعافت العملة لاحقا بعد أن أعلنت الهيئة المشرفة على عمل البنوك حظر تداولات الليرة للبنوك الثلاثة، قائلة إنها عجزت عن أداء التزامات بالليرة في مواعيدها.

وذكرت وسائل إعلام تركية أن بعض المؤسسات المالية التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرا لها، تواصل محاولات شن هجمات لإضعاف الليرة التركية أمام الدولار.

وقالت مصادر مصرفية تركية، الأربعاء الماضي، أن بعض المؤسسات المالية في لندن تقوم بشراء العملات الصعبة من السوق، دون أن يكون لديها سيولة من الليرة التركية.

وأوضحت المصادر أن هذه المؤسسات لم تف بالتزاماتها تجاه البنوك التركية من الليرة مقابل العملات الصعبة التي اشترتها.

وذكرت أن المؤسسات المالية أبدت تقصيرا بإيفاء التزاماتها، رغم تمديد البنك المركزي إغلاق نظام الحوالات المالية إلكترونيا "EFT".

في السياق، طرحت صحيفة "عربي21" الإلكترونية تساؤلات حول ما يحدث لليرة التركية، وكيف يتم التلاعب بسعر صرفها ولماذا لا تصد السلطات التركية المعنية هذه الهجمات، وماذا يعني قرار تركيا حظر تداول الليرة في 3 بنوك أجنبية.

ونقلت عن الخبير المالي والمصرفي باتريك مارديني، قوله إن بعض المؤسسات المالية والبنوك الأجنبية في تركيا استغلت انخفاض سعر الفائدة وحصلت على قروض بالليرة التركية ثم قامت بتحويلها إلى دولار، (أي أنها قامت ببيع ما اقترضته بالليرة وشراء الدولار) وهو ما أدى إلى تراجع قيمة العملة التركية مقابل العملة الأمريكية.

وأكد مارديني أن تخفيض سعر الفائدة 8.75 بالمائة فتح المجال أمام المضاربين للمراهنة على تحقيق أرباح كبيرة في السوق التركية، مضيفا: "عندما تقترض 600 ليرة تركية والدولار الواحد يساوي 6 ليرات فهذا يعني أنك اقترضت ما يعادل 100 دولار، وعندما ينخفض سعر صرف الليرة إلى 7 ليرات للدولار الواحد فهذا يعني أنك أصبحت تمتلك 700 ليرة، وإذا أضفت على سبيل المثال 10 بالمئة فائدة القرض فهذا يعني أنه يجب عليك سداد 660 ليرة إجمالي قيمة القرض. ويتبقى معك ربحا قدره 40 ليرة، وهذه تسمى مضاربة".

وأوضح مارديني أن البنوك الثلاثة راهنت على انخفاض قيمة الليرة وهذا ما حدث فكسبوا الرهان وحققوا أرباحا كبيرة، لافتا إلى المضاربة هي عمليات اعتيادية في سوق الصرف لكن المضارب دائما يختار الأوقات المناسبة لتحقيق أكبر ربح ممكن.

وأشار الخبير المالي والمصرفي إلى أن الحكومة التركية تمتلك ثلاث وسائل لصد "هجمات التلاعب" بسعر صرف عملتها الوطنية، على المدى المتوسط والبعيد وهي ضخ سيولة دولارية لإحداث توازن في عمليات العرض والطلب بسوق الصرف (وفي هذه الحالة سيخسر جزءا من احتياطياته النقدية)، أو رفع سعر الفائدة لجذب الدولار من الخارج (وهذا سيؤدى إلى تراجع النشاط الاقتصادي)، أو ترك الليرة لعمليات العرض والطلب (وقد يؤدي ذلك إلى تدهور العملة وتوقف العديد من الاستثمارات الأجنبية أو تخارجها من السوق).

ولفت مارديني إلى أن الحكومة التركية لا يمكن مقاضاة البنوك الأجنبية لأنها لم تفعل شيئا يخالف القانون، وعمليات المضاربة هي عمليات متعارف عليها دوليا في أسواق "الفوركس"، مؤكدا أن قرار حظر تداول الليرة على البنوك الثلاثة المعنية هدفه إيصال رسالة بأن المؤسسات المالية الأجنبية في السوق التركية تحت المراقبة.

وقال إن قرار الحظر سيجبر البنوك الثلاثة على بيع ما لديها من سيولة دولارية وشراء الليرة التركية لسداد ما عليها من التزامات أو قروض وعودة التوازن للسوق ودعم الليرة، لكن القرار لا يمكنه منع عمليات المضاربة، مستطردا: "هذا قرار إيجابي على المدى القصير لكن على المدى الطويل تحتاج تركيا لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية عملتها المحلية أبرزها رفع أسعار الفائدة" – بحسب رأيه-.

وأردف: "المضاربات دائما تهدف إلى الربح، وليس شرطا أن يكون لها أبعاد سياسية، لكن بعض الدول الأخرى قد توظف تدهور العملة المحلية نتيجة تلك المضاربات لأغراض سياسية".

يشار إلى أن هناك أربعة أنواع رئيسية للمضاربة في "الفوركس"، تتمثل في المضاربة الآنية وتعرف باسم spot، والمضاربة على عقود المستقبل Future، ومضاربة المشتقات وتعرف باسم options، والمضاربة التبادلية. وفق الصحيفة.

وفي المضاربة الآنية تتحرك أسعار العملات بين ثانية وأخرى، وهي تستلزم أن يكون المضارب أمام شاشات الأسعار دائمًا، ويتميز هذا النوع من المضاربات بالسرعة، وأنه يمكن أن يتم إجراء عدد كبير من العمليات في اليوم الواحد ولا يمكن تحديد الربح أو الخسارة فيها.

وتتم المضاربة على عقود المستقبل بناء على سعر مستقبلي متوقع؛ حيث يتم العمل فيها وفق تكنيك مختلف عن أنواع المضاربات الأخرى، وفي الغالب تخضع لتوقعات المضاربين المبنية على ما يتوفر لديهم من بيانات ومعلومات عن حركة العملات الحالية والمستقبلية واقتصاديات الدول.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!