عربي بوست

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 13 فبراير/شباط تسمية عام 2021 باسم "حاجي بكتاش ولي"، ما يعني أنّ شخصيته ستصبح عنوان الحملات الثقافية والإعلامية على مدار العام. 

كما جاء في المرسوم الرئاسي أنّ عام 2021، هو الذكرى 750 لوفاة حاج بكتاش ولي، الذي "كان يُبشِّر بالحب والتسامح والوحدة والتضامن والسلام منذ قرون بأفكاره وتعاليمه، وقد أُدرِجت ذكرى وفاته لدى اليونسكو". ويعتبر المرسوم أنّ أفكار حاج بكتاش ولي "قد ساهمت في تكوين الهوية الاجتماعية والوحدة في منطقة الأناضول".

فمن هو حاجي بكتاش ولي؟

يكتسب حاجة بكتاش ولي قيمةً كبيرة في منطقة الأناضول في تركيا، بل وفي منطقة البلقان أيضاً. وقد ارتبط اسم حاجي بكتاش ولي بالدولة العثمانية ونشأتها.

يوجد ضريح بكتاش ولي في مدينة نفشهير وسط تركيا، في منطقةٍ تدعى "قصبة حاجي بكتاش". وهو مزارٌ ومتحف يقصده السياح والزوّار بدايةً من عام 1964. وفي عام 2021 صُنِّف المزار من قبل منظمة اليونسكو على أنّه أحد الآثار العالمية.

ومن الجدير بالذكر أنّ هذا المزار قد افتتح من قبل وزارة الثقافة والسياحة التركية للعبادة، بعد انقطاع دام 188 عاماً، وفق ما ذكره موقع TRT عربي. ويبدو أنّ هذا الانقطاع كان له علاقة أيضاً بالدولة العثمانية.

وحسب أغلب الروايات، فإنّ موطن حاجي بكتاش ولي الأصلي كان في خراسان (في إيران الحالية) وبالتحديد في مدينة نيسابور، وبالتالي فهو فارسي، ولكنّ أصوله تركيّة. وفي العموم فإنّ التداخل التاريخي بين الفرس والترك في تلك المنطقة كبير.

تلقّى بكتاش ولي تعليمه في مدرسةٍ تابعة لشيخ اسمه أحمد يوسيفي، شيخ الطريقة اليوسيفية، وبالتالي فإنّ الحاج بكتاش قد تربّى تربية صوفية مختلطة بالتشيُّع، ويقال إنّه أصبح خليفةً للشيخ اليوسفي في قيادة طريقته.

يقال أيضاً إنّ الحاج بكتاش سافر إلى منطقة الأناضول بأمرٍ من الشيخ اليوسفي نفسه.

وصل حاج بكتاش إلى الأناضول بعد رحلةٍ طويلة زار فيها المدن الإسلامية المقدسة مثل مكّة والمدينة والنجف والقدس.

لكنّ المصادر التاريخية بخصوص حاجي بكتاش ولي ضعيفة، فبعضها يذكر أنّه وصل إلى الأناضول وقابل فيها السلطان السلجوقي علاء الدين كيكوبات ومولانا جلال الدين الرومي وعثمان الأوّل مؤسس الدولة العثمانية.

لكن تاريخياً لا يبدو أنّ هذه المعلومات صحيحة، فعلاء الدين كيكوبات الثاني قد توفي عام 1252، بينما تأسّست الدولة العثمانية عام 1299، وكذلك فلا يبدو أنّ لقائه بجلال الدين الرومي دقيقاً، فجلال الدين الرومي قد توفي عام 1273، ومع ذلك قد يكون قابله في شبابه. بينما عاش حاج بكتاش ولي 60 عام تقريباً، وقد توفي عام 1337، أي أنّه قد ولد تقريباً عام 1277.

علاقته بالدولة العثمانية

تتّفق الروايات التاريخية أنّ حاجي بكتاش ولي كانت له علاقة مباشرة بالدولة العثمانية، وتحديداً بجيش الإنكشارية، القوة الضاربة في الجيش العثماني طيلة قرون. فتذكر بعض الروايات أنّ أورخان غازي -ابن عثمان الأول- عندما علم بعِلم حاجي بكتاش ولي وبركته ذهب إليه مع بعض جنوده ليباركهم.

قابلهم الشيخ، ودعا لهم وأعطاهم رايةً مرسوماً عليها عليها سيف ذو الفقار (سيف علي بن أبي طالب)، ومن يومها ارتبطت الانكشارية بالشيخ بكتاش ولي، ثمّ لاحقاً بطريقته الصوفية: الطريقة البكتاشية.

كان جيش الانكشارية يتكوّن بالأساس من الأطفال المسيحيين الذين يؤسرون في الحروب، فيتمّ تربيتهم تربية دينية، لاحقاً كانت الطريقة البكتاشية هي الطريقة التي يتلقّى فيها الانكشارية تعليمهم الديني. قبل أن تتطوّر الأمور مع الطريقة البكتاشية لتصير مؤثرة في الجيش الانكشاري أرسل حاج بكتاش ولي 360 من تلاميذه بوظيفة الإرشاد إلى مناطق مختلفة من الدولة العثمانية.

توفي حاج بكتاش ولي عام 1337، بعدما كانت الدولة العثمانية قد أرست قواعدها في الأناضول. ومع الوقت أصبح في كلّ معسكر أو ثكنة عسكرية شيخٌ من البكتاشية يدرّس الجنود ويؤدبهم دينياً.

ظلّت هذه العلاقة الوطيدة بين الطريقة البكتاشية والجيش الانكشاري حتّى كانت نهاية الجيش الإنكشاري عام 1825، عندما أنهى وجودهم السلطان محمود الثاني بعدما تحول الجيش الانكشاري إلى قوّة معيقة ضدّ تطور الدولة العثمانية، وتتحكّم في مقاليد السلطة وتولِّي أو تخلع السلطان الذي يناسبها.

بإنهاء السلطان للجيش الانكشاري، انتهى وجود الطريقة البكتاشية في تركيا، ولكنّ ظلّ وجودها قوياً في البلقان، ولا زال رئيس أو شيخ الطريقة حتّى الآن مقرّه تيران في ألبانيا، في التكيّة الرئيسية للطريقة البكتاشية.

بشكلٍ عام، يقال إنّ الطريقة البكتاشية لها أصول شيعية، بالتحديد إثنى عشريّة، ولكن أيضاً المعروف أنّ الشيخ بكتاش ولي طوّر طريقته بشكلٍ خاص لتصبح طريقةً صوفية سنيّة، وإن كان فيها بعض التأثّر بالتشيّع.

وعموماً، فقد كان للطرق الصوفية في الأناضول تاثيرٌ كبير، ولا ننسَ أنّ الدولة الصفوية الشيعيّة كان أصلها طريقةً صوفية سنيّة، تغيّرت بمرور الوقت وأصبحت طريقةً شيعيّة مسلّحة، اجتاحت إيران وبعض المناطق في العراق لتؤسّس السلالة الصفوية الشيعية، التي أصبحت لاحقاً المنافس الرسمي للدولة العثمانية في الشرق.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!