ترك برس

أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أواخر مارس/ آذار الماضي، عن آخر دفعات حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقتها حكومته، لرسم مسار جديد للاقتصاد، ولا سيما في مجالات التضخم وقطاع التمويل وعجز الحساب الجاري وإدارة الديون والعملات الرقمية والتوظيف.

وفي كلمته خلال الحفل التعريفي بحزمة الإصلاحات الاقتصادية، بمدينة إسطنبول، قال أردوغان "سنصل بالتأكيد إلى أهدافنا لجعل تركيا واحدة من أكبر 10 اقتصادات بالعالم".

وسبقت الحزمة الجديدة، حزمة من التدابير لمواجهة كورونا تحمل اسم "درع الاستقرار الاقتصادي" في مارس/آذار 2020، وخُصصت لها 100 مليار ليرة تركية (قرابة 15.5 مليار دولار)، كخطوة لاحتواء الأزمة وتفادي تسجيل البلاد خسائر.

وفي تقرير لها حول الإصلاحات الاقتصادية التركية، أكدت شركة "بلوباي" لإدارة الأصول، أن حزمة الإصلاحات الاقتصادية الجديدة، تشكل بيئة ملائمة لعالم الأعمال والمستثمرين. مُبينة أنها ستكون مفيدة في توجيه وبقاء الشركات التي تمتلك قروضا مالية متعثرة.

وحسب تقرير لشركة "رابوبنك" الهولندية للخدمات المصرفية والمالية، فإن حزمة الإصلاحات الاقتصادية تضمنت عناصر صديقة للسوق يمكن أن تخفض التضخم إلى مستويات متدنية، مشيرا إلى أهمية إنشاء لجنة استقرار الأسعار التي تؤدي إلى تغييرات هيكلية في بعض العوامل الرئيسية المؤثرة على أسعار المواد الغذائية.

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي التركي علاء الدين شينكولار أن بنود الإصلاح الاقتصادي التي أعلن عنها الرئيس أردوغان معالجة مؤقتة وليست عملية جراحية حقيقية تعالج المشاكل الاقتصادية بشكل نهائي، بحسب ما نقلته "الجزيرة نت."

وقال شينكولار "الاقتصاد التركي بحاجة إلى توجيه القدرات المالية نحو مجالات الإنتاج والتصنيع والتصدير لكي يعود البلد إلى النمو والاستقرار الاقتصادي"، لكنه لفت إلى أن بلاده لديها خبرة وممارسة في الخروج من المآزق والمتاهات الاقتصادية دون أن تتحول إلى أزمات قاهرة.

أما الباحث الاقتصادي في جامعة إيجة بإزمير محمد إبراهيم فيؤكد أن حزمة الإصلاحات الاقتصادية مهمة للأسواق والمستثمرين، لأنها تهدف لزيادة متانة الاقتصاد ومكافحة التضخم وصولا لمعدل التضخم المستهدف 5%، بحسب بيانات البنك المركزي.

ويضيف أن تحقيق المزيد من الاستقرار في المؤشرات الاقتصادية الكلية ومؤشرات المالية العامة تكسب الاقتصاد المزيد من الثقة وتقلل من المخاطر مما يسهم في جذب الاستثمارات وتحقيق الاستقرار في الأسواق.

وفيما يتعلق بخطة درع الاستقرار الاقتصادي المعلن عنها في مارس/آذار من العام الماضي، يرى إبراهيم استحالة تقييمها لأنها جاءت في ظروف غير طبيعية وبداية إغلاق الاقتصاد، لافتا إلى أن الخطة بشكل عام نجحت نسبيا بتحقيق هدفها المتمثل باحتواء آثار التدابير المتخذة لمكافحة جائحة كورونا، ومساعدة الاقتصاد على الاستمرار وتخفيض الخسائر والآثار السلبية إلى أدنى حد ممكن.

ولفت أردوغان خلال إعلان حزمة الإصلاحات الاقتصادية إلى امتلاك الحكومة إطار إدارة ديون قويا بفضل الانضباط المالي المطبق منذ سنوات، قائلا "سنخفض حصة الديون بالعملات الأجنبية من إجمالي رصيد الديون، بهدف تقليل حساسية رصيد الدَّين تجاه الصدمات الخارجية".

وأضاف "سنستخدم بشكل أساسي الأوراق النقدية المقومة بالليرة التركية للاقتراض"، مشيرا إلى أن الحزمة الاقتصادية تتضمن إعفاءات ضريبية لأصحاب الأعمال التجارية الصغيرة.

وفي هذا الإطار، يعتقد الخبير التركي شينكولار بغياب أي تدبير واضح ومخطط لإدارة الديون الموجودة على كاهل الاقتصاد والأسواق والمواطن التركي، لافتا إلى أن الحكومة التركية تحاول معالجة العجز بتوفير ديون مجددة للشعب والشركات.

من جهته، يرى الباحث الاقتصادي محمد إبراهيم أن تركيا واجهت صعوبات خلال الفترة الماضية في إدارة الدَّين وبشكل خاص الدين الخارجي نظرا لتراجع المدخولات "الدولارية" بسبب تأثير فيروس كورونا، لافتا إلى أن الإصلاحات المتعلقة بإدارة الدين التي أعلن عنها الرئيس أردوغان ستخفض حساسية الاقتصاد للصدمات الخارجية ولا سيما أن الاقتراض المقوم بالليرة أسهل.

يشار إلى أن الاقتصاد العالمي خلال 2020 انكمش بنسبة 3.5%، والتجارة العالمية بنسبة 10%، وانخفضت الاستثمارات الدولية المباشرة بنسبة 42%.

وأصبحت تركيا الدولة الثانية بعد الصين ضمن مجموعة العشرين التي تمكّنت من تنمية اقتصادها، بعدما حققت نموا اقتصاديا بنسبة 1.8% العام الماضي رغم تداعيات فيروس كورونا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!