ترك برس

أعلنت مدينة أنقرة عاصمة للجمهورية التركية في 13 تشرين الأول/ كتوبر 1923، وكانت آنذاك مدينة فقيرة في وسط الأناضول، ثم عاصرت في أعوام الجمهورية الأولى تغييرات وتطورات كبيرة، لتصبح عنوانا يكتب عنه الرحالة الأجانب.

غيرت الشوارع العريضة ودور السينما والمسارح والمطاعم والفنادق التي أنشئت في أنقرة في غضون الأعوام الأولى للجمهورية التركية مصير المدينة وهيكلها الثقافي والاجتماعي.

وقد كتب الرحالة السويسري أرنست مامبوري، كتابا بعنوان "دليل السفر إلى أنقرة"، الذي يروي فيه أوصاف المدينة الشابة التي جذبت انتباهه عام 1933، معلقا على التطور الكبير الذي طرأ عليها: ”كأن يدًا سحريةً خفيةً غيرت كل شيء"، تم تجفيف مستنقع كانت مساحته 40 ألف متر مربع، للقضاء على مرض الملاريا المنتشر في المدينة، حيث كان يقع في المنطقة التي توجد فيها محطة قطار أنقرة.

أشار مامبوري، إلى وضع خطة لتوسيع أنقرة: “ارتفعت المباني العامة الحقيقية في الأماكن التي رقد فيها الأموات، وفتحت العديد من الفنادق أبوابها مقدمة خدماتها بطريقة متطورة ومريحة تليق بوجودها في العاصمة، وأنشئت المدارس وتأسست عدة مناطق جديدة مثل يني شهير وجبجي وتشانكايا وتشانكيري كابي وبجوانب المحطة، شهدت أنقرة فترة نشاط بالبناء بعد فترة السياسة المرهقة”.

تضمن كتاب مامبوري، خريطة للمدينة رسمها ضابط من مملكة بروسيا في عام 1836، وصورًا فوتوغرافيةً للمباني والساحات والطرق والحدائق المنشأة حديثا، للفت الانتباه للتغيير المتطور الكبير الذي طرأ على المدينة.

ذكر مامبوري، أن فنادق أنقرة ترضي الزوار الذين لا يروق لهم شيء، وذكر منها “أنقرة بالاس”، و”لوزان بالاس”، و”بلفو بالاس”، و”تاشان بالاس”، و”فندق آيدين”، و”ميدان بالاس”، و”إسطنبول بالاس”.

أما عن المطاعم، فقد أوصى مامبوري الراغبين بتذوق نكهات المطبخ التركي بزيارة مطاعم “كاربيتش”، و”ذوق”، و”إزمير”، و”اللذة”، و”يلديز”.

تحدث مامبوري، عن عرض أحدث الأفلام بصوت وبلا صوت في سينما دار الشعب ونادي السينما والسينما الجديدة، كما يقدم الفنانون المحليين والفرق الأوروبية من فرنسا وألمانيا وإيطاليا عروضا في دار الشعب، كما تقدم ايضا أوركسترا السيمفونية التابعة لرئاسة الجمهورية، المكونة من 60 شخصا، حفلات موسيقية كل يوم جمعة.

وأكد مامبوري، أن أنقرة سيطلق عليها قريبا اسم “أنقرة الخضراء"، بالرغم من مناخها الشبه صحراوي، وقال: “لقد بذلت البلدية جهودا جديرة بالثناء لتخضير العاصمة كي تنعم بظلال الأشجار ".

قارن مامبوري، جمال أنقرة بالمناظر الخلابة في منطقة جورا الفرنسية: “أنقرة تنبض بالحياة كخلية النحل، يعتبر سكانها موسم الربيع موسما لركوب السيارات للتنزه، كما يتوجهون في الصيف إلى كروم العنب المجاورة للمدينة، اما في الخريف يعود الجميع إلى منازلهم لتبدأ الحياة بالعودة إلى مسارها المعتاد، كما تتواصل سباقات الخيول والمباريات والإجتماعات والحفلات الموسيقية بالمدينة".

كما وصف خط سير الرحلة للسياح الراغبين برؤية عاصمة الجمهورية الفتية، مقدما ثلاث مسارات مختلفة مع إقامة لمدة ليلة واحدة أو يومين أو ثلاثة أيام في عام 1933، مؤكدا على عدم مواجهة أي صعوبات في الأمتعة وإجراءات الإقامة المؤقتة.

أشار في المسار الأول إلى تمثال الفروسية لمصطفى كمال أتاتورك، وعمود جوليان (منارة بلقيس)، وميدان الحكومة، وجامع حاجي بايرام، والقلاع على الجسور والسدود، والقلعة الخارجية، وبوابة علاء الخارجية، وبوابة حصار، والجوامع، ودار الشعب (متحف الرسم والنحت)، ومتحف الإثنوغرافيا، وشارع الغازي العريض.

كما نصح مامبوري، السياح الذين لديهم وقتٌ كافٍ لقضاء المساء في المدينة السير في نفس المسار، والتوجه للاماكن المذكورة للتعرف عليها، ثم تناول الطعام في أحد المطاعم، كمطعم أنقرة بالاس ولوزان بالاس وذوق وكاربيتش وإزمير واللذة ويلديز.

أعد مامبوري، مسارا مفصلا للراغبين بقضاء ليلتين أو أكثر في أنقرة، تشمل الجوامع مثل حاجي موسى وأخي إيلفان وزينجيرلي، والمدبغة (أصفهاني)، ومساجد كويلو كاهفه، ومعبد أغسطس وسمان بازاري والقصر الرئاسي، كما أضاف إلى قائمة الأماكن الممكن زيارتها يني شهير وتشانكايا، وأوصى بمشاهدة غروب الشمس من القلعة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!