ترك برس

أكد تقرير لمعهد الدراسات الدولية، أن نظاماً إقليمياً جديداً ظهر بعد معركة "قره باغ" التي انتهت بانتصار أذربيجاني على أرمينيا وتحريرها أجزاء كبيرة من أراضيها المحتلة في الإقليم، مؤكداً أن تركيا أحد أبرز أطراف النظام الإقليمي المذكور.

ووفقاً لتقرير معهد الدراسات الدولية، فإن تركيا تتوغل في القوقاز، إذ إن دعمها لأذربيجان كان أساسيا لانتصار باكو. وكمكافأة، حصلت أنقرة على ممر بين نخجوان وأذربيجان، أي على تواصل مع باقي العالم الناطق باللغة التركية، ليمتد طريق التواصل هذا من إسطنبول حتى سهول آسيا الوسطى، وهو تحقيق لحلم تركي قديم.

ويرى التقرير أن من أبرز سمات النظام الإقليمي هذا، تأكيد روسيا أنها تبقى قوة رئيسية في محيطها حيث بات مركزها أكثر قوة، فلأول مرة في تاريخ هذا الصراع، تتمكن موسكو من نشر قوة عسكرية بألفي رجل، وهو أمر لم تكن لتطمح به في الماضي نظرا لتحفظات أذربيجان أمام أي حضور عسكري روسي في القوقاز.

وأضاف أن النظام الإقليمي المتشكّل حديثاً يظهر تراجع الغرب في المنطقة إذ لم يُسمع الكثير من بقية رؤساء دول مجموعة مينسك، أي فرنسا والولايات المتحدة، خلال الأسابيع الستة للصراع، ولم تتم دعوتهما إلى طاولة المفاوضات.

في المقابل، أظهرت تركيا وروسيا أنهما قادرتان على العمل معا في مناطق عدة من العالم، مثل قره باغ وليبيا وسوريا وغيرها، لإدارة الصراعات رغم اختلافهما، وبذلك استبعاد الغرب، الذي يقتصر دوره على الاعتراف بتغيرات وضع دولي مختلف تماما عما كان عليه.

وفي سياق متصل، نقل تقرير لشبكة الجزيرة القطرية، عن الباحث في العلاقات الدولية بمركز ابن خلدون، الدكتور علي باكير، قوله إن تركيا تريد أن تقول إنها اللاعب الأكثر كفاءة وقوة ومصداقية وقدرة على الحد من نفوذ روسيا في المنطقة، بدليل دور أنقرة الحاسم في منع تفرد موسكو في سوريا وليبيا وقره باغ. تركيا أيضا بصفتها ثاني أكبر قوة عسكرية في حلف شمال الأطلسي (الناتو) قادرة على تفعيل دوره وإعطائه زخما وبُعدا جيوسياسياً جديدا في عمق آسيا الوسطى، لا سيما مع تفاعل ملف أفغانستان وقرب انسحاب قوات الناتو من هناك.

وقال باكير إن "تركيا أصبحت قادرة أكثر على توسيع آفاق التفاهم والتعاون مع الدول الناطقة بالتركية في الإقليم، ودولة ملتزمة بتحالفاتها وقادرة على الموازنة مع القوى الكبرى وعلى إحداث الفارق حينما يجد الجد، وإن نموذج أذربيجان ليس استثنائيا في مجال التحالف مع أنقرة."

من جهته، اعتبر الكاتب الصحفي التركي إسماعيل ياشا أن "إيران تشعر حتى الآن بمرارة الهزيمة التي منيت بها مع انهزام الأرمن في معركة قره باغ، وتجد صعوبة بالغة في تقبل التوازنات التي غيرتها نتائج الحرب، لا سيما بعدما دعمت القوات الأرمينية بالأسلحة والذخائر".

وقال ياشا "ما يقلق طهران، والجديد في المعادلة، هو تعزيز باكو تعاونها مع أنقرة وإسلام آباد، والمناورات العسكرية المشتركة التي تجريها الدول الثلاث".

في المقابل، تركيا وأرمينيا تبديان بين الحين والآخر رغبة في تطبيع علاقاتهما -وفقا لياشا- الذي أضاف أن تركيا كانت تشترط لتطبيع علاقاتها مع أرمينيا أن تنسحب الأخيرة من الأراضي الأذربيجانية، وبعد تحرير معظم أجزاء إقليم قره باغ، تجددت المساعي الرامية إلى تطبيع العلاقات التركية الأرمينية، ومن المؤكد أن تطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا سيسهل تطبيع علاقات الأخيرة مع أذربيجان، مما يؤدي إلى تراجع النفوذ الإيراني أكثر في تلك المنطقة.

وفي 27 سبتمبر/أيلول 2020، أطلق الجيش الأذربيجاني عملية لتحرير أراضيه في إقليم قره باغ، وبعد معارك ضارية استمرت 44 يوماً، أعلنت روسيا في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ينصّ على استعادة باكو السيطرة على محافظات محتلة.

يُذكر أن طائرات "بيرقدار" المسيرة تركية الصنع، ساهمت بدور كبير في قلب مجريات المعركة لصالح أذربيجان في حربها الأخير ضد أرمينيا بإقليم "قره باغ."

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!