ترك برس

وصف رئيس مركز "أورسام" التركي لدراسات الشرق الأوسط وأستاذ علم الاجتماع السياسي البروفيسور أحمد أويصال موقف الولايات المتحدة إزاء المنطقة العربية "بالمرتبك".

واعتبر أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة لم تحقق نتائج ملموسة.

والأسبوع الماضي، أجرى الرئيس الأمريكي جولة زار فيها إسرائيل والضفة الغربية والسعودية، اختتمها بحضور قمة جدة للأمن والتنمية التي جمعت 9 من القادة العرب.

وقال أويصال في مقابلة مع وكالة الأناضول، إن زيارة بايدن للمنطقة كانت "بغرض مواجهة مشاكل التضخم وزيادات أسعار النفط وتهدئة مخاوف الدول العربية حيال أمنها القومي".

** دوافع الزيارة

وأوضح أويصال أن دوافع جو بايدن من زيارة المنطقة ومشاركته في القمة العربية، تكمن في " محاولة الإفلات من ضغط الجمهور الأمريكي بسبب التضخم والمشاكل الاقتصادية".

وقال: "كان يريد تخفيض أسعار النفط والغاز وتهدئة العالم العربي ودول الخليج بالذات، بعد محاولات إعادة صفقة الاتفاق النووي مع إيران، كما كان يهدف إلى تشجيع التطبيع مع إسرائيل".

وأضاف أويصال، أن "هذه الأهداف لم تتحقق كثيرا لأننا لم نر نتائج ملموسة في هذه المجالات".

وأردف: "كثير من النتائج مجرد رمزيات دون مخرجات عملية".

** لا نتائج ملموسة

وأكد أويصال أن الرئيس الأمريكي "لم يتمكن من تحقيق أهدافه".

وقال: "الدليل على ذلك ليست هناك أي دولة جديدة طبّعت مع إسرائيل، ولا وعد ملموس بتخفيض أسعار النفط، وكذلك تهدئة المخاوف الأمنية كانت بالكلام فقط".

وأضاف أويصال: "لم تتراجع المخاوف الأمنية لدول المنطقة، والنقاش في المجال الأمني لم يحقق نتائج".

واعتبر أن الزيارة "محاولة لإعادة تأكيد الولايات المتحدة لوجودها في الشرق الأوسط، في ظل نقاش كبير يدور حول تركها المنطقة".

وتابع أويصال: " ربما هو تراجع أمريكي ليس على مستوى الشرق الأوسط فقط بل على المستوى العالمي كذلك".

وزاد: "بدأت الدول العربية تتصرف بعيدا عن مطالب الولايات المتحدة، فأرادت الإدارة الأمريكية إثبات حضورها في الشرق الأوسط، لكن بدرجة أقل، بعد الفشل في أفغانستان والعراق وفلسطين".

** ملء الفراغ

أشار أويصال إلى أن بايدن "كان يحاول ملء الفراغ الأمريكي بعدم السماح بحضور قوي للصين وروسيا في منطقة الشرق الأوسط".

وقال: "موقف الولايات المتحدة أضعف من السابق، وبايدن كان يريد إثبات العكس، والخروج الأمريكي المفاجئ من أفغانستان أثار قلق الدول الخليجية".

وأضاف أويصال: "هذا الخروج جعل الدول الخليجية تفكر في البديل في حال تراجع الدور العسكري الأمريكي، فحاول بايدن تهدئة المنطقة، لكن المشهد العام لم يتغير".

وأردف: "الفراغ قد حصل فعلا، والأدوار الإيرانية والروسية والصينية بدأت في التزايد، وباتت المصالح العربية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان مهددة".

وتابع أويصال: "روسيا والصين تدعمان حلفاءهما بقوة، بينما الولايات المتحدة تتخلى عنهم، حيث تركت السعودية لوحدها في اليمن، وتعاونت مع إيران في الملف اليمني، وهو أمر يقلق السعودية والدول العربية".

ولفت إلى أن المنطقة "لم تعد حكرا على النفوذ الأمريكي، فهناك تنافس روسي صيني، ومحاولات استقلال من دول كبيرة مثل تركيا والسعودية ومصر أيضا، لأن بعض إشارات الاستقلال بدأت تظهر على هذه الدول".

** أمن ونفط

وقال أويصال، إن "تعهدات تخفيض أسعار النفط وزيادة الإنتاج سيختبر الزمن صدقها".

وأوضح أن "بايدن لم يأخذ نتيجة ملموسة، بل أخذ فقط بيانات وتفاهمات بخوص سوق متزن في النفط والغاز، وسنرى بعد فترة قصيرة إن كانت تؤثر عمليا".

وأضاف أويصال: "لم نسمع وعدا مباشرا يساهم في تخفيض أسعار النفط، خاصة أن الأوروبيين كانوا ينتظرون ذلك من زيارة بايدن، لكن مثل هذا التخفيض يحتاج وقتا ليتحقق".

وتابع: "في الزيارة الأخيرة كان دور وزارة الخارجية الأمريكية أكبر ويظهر ذلك في كثافة الوفد الدبلوماسي المرافق، وكان هناك نقاش كبير عن الأمن الاقليمي والعربي، لكن البنتاغون لم يكن موجودا بشكل كبير".

وزاد أويصال: "الجيش الأمريكي يؤثر بقضايا الأمن، والارتباك يؤثر على الحلفاء فهل يثقون بما تقوله الرئاسة الأمريكية أم الخارجية أم البنتاغون أم اللوبيات؟".

وأفاد: "الولايات المتحدة لديها قدرات لكنها مرتبكة في استخدامها، وتتصرف بأنانية ولا تراعي متطلبات الآخرين وحاجاتهم، وهو أمر يضعف موقفها أمام التنافس الروسي الصيني الذي يمثل تحديا كبيرا".

** الموقف التركي

وأشار أويصال، إلى أن "تركيا تعيش مع العرب نفس المشكلة مع الولايات المتحدة، فهي حليف يتصرّف كمشرف يملي على الآخرين، ويصر على مواقفه".

وأضاف: "تركيا تعوّدت على ما يجري وفهمت الموضوع جيدا، وتتصرّف باستقلالية وفق احتياجاتها الأمنية والاقتصادية ولا تراهن على الولايات المتحدة، والدول العربية بدأت فهم ذلك وهو أمر إيجابي".

وتابع أويصال: "كان هناك طرح قطريّ يقترح حوارا إقليميا بين الدول المهمة بالمنطقة، وهو حوار مهم ينبغي أن يجري بين تركيا وإيران والسعودية ومصر، لحل المشاكل الإقليمية".

وزاد: " هو أمر جيد لكنه ليس سهلا ويأخذ وقتا وجهودا كثيرة".

وأردف أويصال: " تركيا لا تنزعج من زيارة بايدن للمنطقة، لكن لا ترى فائدة كبيرة منها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!