ترك برس

رصد تقرير لموقع "عربي بوست" الإخباري ردود أفعال أحزاب المعارضة التركية في التحالف السداسي بعد قرار حزب "الجيد" برئاسة ميرال أكشنار، خوض الانتخابات المحلية المقبلة بمفرده. 

وأشار التقرير إلى إعلان أكشنار عزمها دخول الانتخابات البلدية القادمة، المقرر عقدها نهاية مارس/آذار 2024، دون أية تحالفات مع أحزاب المعارضة؛ وذلك على عكس الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية التي خاضتها أكشنار ضمن ما يعرف بتحالف الطاولة السداسية.

وقرر المجلس التنفيذي للحزب تسمية مرشحين له في الانتخابات القادمة بكل الولايات التركية البالغ عددها 81 ولاية، وشدد المجلس في بيان؛ أن العمل يسير وفق الخطة المعلنة من قبل الحزب، وجارٍ اختيار المرشحين لرئاسة البلديات في عموم تركيا.

ورغم اللهجة الحاسمة من قبل حزب الجيد حول دخوله الانتخابات البلدية القادمة منفرداً دون تحالفات، تُعوّل قيادات في حزب الشعب الجمهوري على تغير موقف رئيسة الحزب ميرال أكشنار خلال الفترة القادمة. وفق تقرير "عربي بوست".

هدف حزب الجيد انتخابات 2028

وبحسب المتحدث الإعلامي باسم حزب الجيد كورشاد زورلو فإن هدف الهيئة العليا من وراء هذا القرار هو التمهيد لانتخابات الرئاسة والبرلمان عام 2028؛ من خلال هذا القرار.

وأضاف زورلو أن التحالف السداسي مع حزب الشعب الجمهوري، الذي اصطف إلى جانبه حزب اليسار الأخضر الكردي، سبَّب لهم خسارة فادحة؛ جعلت من حزب "الجيد" خامس حزب داخل البرلمان التركي من حيث عدد النواب، بعد أن كان الحزب الرابع خلال الدورة البرلمانية الماضية.

وشدد المتحدث باسم الحزب "الجيد"، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة أنقرة، أن دخول الانتخابات البلدية بمفردهم سيوسع المسافة مع تحالف الطاولة السداسية، ولذلك يشددون على أنهم سيدخلون الانتخابات المحلية دون تحالف "مهما كان الثمن". 

لكن زورلو أكد أن حزب "الجيد" لن يتصرف خلال الفترة المقبلة بفهم "المعارضة للمعارضة". وفيما يتعلق بخطر خسارة حزب الشعب الجمهوري لأنقرة وإسطنبول، قال زورلو: "لقد فزنا بإسطنبول، ماذا حدث؟ هل تعلم أن من استولى على إسطنبول هو من كان يسيطر على تركيا؟".

وتابع قائلاً: "نحن ننمو من خلال العمل بمفردنا، وعندما نصل إلى عام 2028، لن نكون بالطبع في صف الحكومة، وسنكون جنباً إلى جنب مع أولئك الذين لديهم وجهات نظر مماثلة لنا، وندافع عن الحكم الديمقراطي للبلاد بحس سليم".

الشعب الجمهوري: التحالف انتهى

من ناحية أخرى، تتجنب قيادات حزب الشعب الجمهوري اتباع نهج رد الفعل تجاه الحزب الجيد وتصريحات مسؤوليه، فالقرارات في السياسة التركية يمكن أن تتغير دائماً كما تتحدث دوماً قيادات الشعب الجمهوري. 

ويعوّل أكبر أحزاب المعارضة التركية على استطلاعات الرأي العام التي قد تُظهر حزب الجيد بمرتبة متدنية؛ قد تدفعه نحو البحث عن تحالفات بسبب الضغوط الشعبية التي ستجبر الحزب على إعادة التفكير في قرار المشاركة المنفردة في كل الولايات. 

وحتى اللحظة يمتنع زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، عن التعليق على هذه القضية؛ وعندما سأله الصحفيون في إحدى الفعاليات عن رأيه في قرار زعيمة حزب الجيد قال كليجدار أوغلو: "إن التحالف الذي أنشأناه بعد الانتخابات قد انتهى بالفعل، وقد قلنا ذلك من قبل". 

وتابع كليجدار أوغلو: "لكن متى يحدث التحالف؟ يحدث ذلك خلال فترات الانتخابات، وما هو السبب الرئيسي وراء استمرار التحالف لفترة أطول من قبل؟ كان الهدف هو إعداد اتفاق مشترك حول ما سنفعله عندما نصل إلى السلطة، وقد فعلنا ذلك".

يافاش: أسعى لأصوات الجميع

وعند سؤال رئيس بلدية أنقرة الكبرى منصور يافاش خلال الاجتماع التمهيدي لمشروع تطوير العاصمة أنقرة، حول موقف حزب الجيد من الانتخابات المحلية القادمة رد يافاش: بأن هناك حالياً 4 ملايين و200 ألف ناخب في أنقرة، مشيراً إلى أنه سيطلب التصويت له من جميع الناخبين مقابل خدماته. 

وقال لقد كان خطابنا دائماً على هذا النحو؛ "بمجرد انتخابك، سوف تخدم الجميع على قدم المساواة، دون تمييز، ونعتقد أننا نخدم بهذه الطريقة منذ ما يقرب من 5 سنوات، وعندما دخلنا الانتخابات عام 2019 دخلنا بالوعود، لكننا الآن سندخل الانتخابات الجديدة بالإنجازات التي اتخذناها".

وأضاف رئيس بلدية أنقرة الكبرى عن حزب الشعب الجمهوري: "نعتقد أننا نقدم منظوراً مختلفاً للبلديات، وسنقف أمام شعب أنقرة ونقول: "إذا أعجبتك الخدمات التي نقدمها صوّت لنا، ونحن أثناء قيامنا بذلك نطلب الأصوات منهم جميعاً، دون التمييز بين هذا الناخب أو ذاك".

إمام أوغلو: المفاوضات مستمرة

من جانبه قال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى عن حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو، إن "التحالف أمر لا بد منه"، وذلك في معرض تعقيبه على تصريحات زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار، مؤكداً أنه يتمسك بهذا الرأي. 

ورداً على أسئلة الصحفيين في إحدى الفعاليات التي حضرها، ذكر إمام أوغلو أنه استمع إلى تصريحات المتحدث باسم حزب "الجيد" كورشاد زورلو، وأنه يرى أن المفاوضات لم تُغلق بعد.

وقال إمام أوغلو: "بصراحة، أعتقد أن المفاوضات لم تُغلق بناءً على الوصف الذي ورد في التصريحات، وبطبيعة الحال، سوف نرى هذا مع مرور الوقت، وأنا شخص يعرف أن العنصر الأكثر أهمية هو التحالف، وأن قاعدة المعارضة بشكل خاص يمكنها تحقيق النتائج من خلال نموذج التحالف القوي.

وأضاف إمام أوغلو: "لقد اختبرنا هذا الأمر بعناية في إسطنبول، وذلك بعد خوضنا نضالاً مختلفاً تماماً من خلال إنشاء تحالف إسطنبول القوي، بالإضافة إلى تحالف حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد، ونحن نعتقد أننا سنحقق ذلك، ونعمل من أجل ذلك".

وتابع رئيس بلدية إسطنبول الكبرى: "أعتقد أن المفاوضات والحوار مع السيدة أكشنار والمسؤولين التنفيذيين لحزب "الجيد" يمكن إجراؤهما وإدارتهما بطريقة صحية للغاية، ومرة ​​أخرى في أقوى أشكالها، وبطبيعة الحال، هذا له متطلبات متبادلة، وأعتقد أن الزمن كفيل بها".

موقف أكشنار من إمام أوغلو ويافاش

أعاد قرار حزب الجيد المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة إلى الأذهان كلمات رئيسة الحزب ميرال أكشنار التي انتقدت فيها كلاً من رئيسي بلدية أنقرة وإسطنبول منصور يافاش وأكرم إمام أوغلو. 

وعقب خسارة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة قالت أكشنار: "أعتذر للأمة التركية العظيمة ولكم، فلقد بذلت كل ما في وسعي لتمهيد الطريق لهذين الصديقين، ولقد دعمتهما دون أية توقعات شخصية، ولم أتمكن من منع أولئك الذين اعترضوا طريقهما".

وتابعت رئيسة حزب الجيد: "أعتذر للأمة التركية وإليكم، ويشهد ربي أنه مهما فعلت، فإن اختياراتي لم تكن من أجلي، وأتمنى أن يكون الجميع مضحين بأنفسهم وشجعاناً مثلنا، ولكن لسوء الحظ لم يتمكنوا من ذلك".

محاولة للمساومة

من جانبه يرى مساعد رئيس حزب الحركة القومية سميح يالتشين أن قرار أكشنار المشاركة في انتخابات البلديات بعيداً عن أية تحالفات؛ هو من باب تقوية وضع حزبها حتى الوصول إلى مرحلة المساومة والمفاوضات مع قيادات حزب الشعب الجمهوري. 

وأضاف يالتشين في حديثه إلى "عربي بوست" أنه حتى لو قالت مديرة حزب الجيد أنها ستشارك في الانتخابات بمرشحين في كل الولايات؛ فإن ذلك يأتي من باب المساومة السياسية.

وتابع يلتشين في تصريحاته: "ليس هناك منفذ قد تلجأ إليه مديرة حزب "الجيد" سوى حزب الشعب الجمهوري، ولا يوجد مكان يمكن أن يرسو فيه حزبها سوى حزب الشعوب الديمقراطي والأحزاب الصغيرة التي ليست لها قيمة في نظر الأمة التركية".

ويرى مساعد رئيس حزب الحركة القومية -الحزب الذي انفصلت عنه أكشنار قبل تأسيس حزبها- أن رئيسة حزب الجيد ستتبع خطوات حزب الشعب الجمهوري؛ مقابل الحصول على مصالح لحزبها؛ مثل رئاسة بلدية أو اثنتين من حصة حزب الشعب الجمهوري.

وحول عدم ردِّ قيادات حزب الشعب على تصريحات أكشنار؛ قال يالتشين: "إن حزب الشعب الجمهوري لا يستطيع الاستغناء عن دعم رئيسة الحزب "الجيد"، ولذلك سيظل صامتاً في وجه كل أنواع التصريحات والانتقادات؛ حتى الوصول إلى منطقة التفاوض والمساومة.

هل يفوز إمام أوغلو ويافاش دون تحالف؟

من جانبه يرى حلمي داشديمير، رئيس شركة أوبتيماير للدراسات والاستطلاعات -وهي من بين الشركات التي تنبأت بنتائج الانتخابات الأخيرة بصورة صحيحة- أن الدخول في تحالف خلال الانتخابات المحلية الماضية في عام 2019 كان مفيداً جداً لحزب الشعب الجمهوري؛ كما حدث في أنقرة وإسطنبول.

ويتابع داشديمير في حديثه لـ"عربي بوست" أنه "لولا الصعوبات الاقتصادية على الحياة إلى حد كبير، لكان من الممكن أن يفوز حزب العدالة والتنمية بهاتين المدينتين، بغض النظر عما إذا كان التحالف مستمراً أم لا، إذا رشح المرشح المناسب".

ويضيف داشديمير أن الفوضى القائمة حالياً في صفوف المعارضة، خاصة بعد انتخابات 14 مايو، وقرار حزب "الجيد" تسمية مرشحين له في كل الولايات؛ قد يجعل هاتين المدينتين الكبيرتين "أنقرة وإسطنبول" من نصيب تحالف الحكومة، متوقعاً أن تنتقل رئاسة ولايات أضنة ومرسين وحتى أنطاليا وهاتاي إلى تحالف الشعب بقيادة الرئيس أردوغان. 

وأوضح "داشدمير" أن ناخبي المعارضة في مدينة "إزمير"، التي توصف بأنها معقل حزب الشعب الجمهوري، أو في مناطق مثل كاديكوي في إسطنبول وتشانكايا في أنقرة، يتعاملون مع الانتخابات من الناحية الأيديولوجية وليس من الناحية الخدمية، وأن سلوكهم التصويتي يتشكل بهذه الطريقة.

ويتابع رئيس شركة أوبتيماير للدراسات واستطلاعات الرأي؛ أنه إذا استمرت "الفوضى" الحالية في المعارضة، فقد لا يجد ناخبو المعارضة الحافز القوي للذهاب إلى صناديق الاقتراع ودعم مرشحي حزبهم، مثلما حدث في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التركية الأخيرة، بعد يقينهم بعدم نجاح مرشحهم في جولة الإعادة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!