ترك برس

 تناول مقال للإعلامي التركي طه كلينتش، الجدل الذي أثارته تقارير إعلامية عن استيراد الحكومة الإسرائيلية 5 بقرات حمراء من ولاية تكساس الأمريكية، إيذاناً ببدء عملية بناء الهيكل الثالث فوق أنقاض المسجد الأقصى.

وأشار الكاتب في مقال بصحيفة يني شفق إلى خبر سابق لصحيفة "جيروزاليم بوست" إحدى أهم الصحف الإسرائيلية، عن وصول خمس بقرات حمراء من مزرعة في ولاية تكساس الأمريكية إلى إسرائيل.

ووفقًا للخبر فقد تم نقل البقرات جواً إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، حيث استقبلها مسؤولون من معهد الهيكل في احتفال رسمي. ثم تم نقلها إلى حيفا، وخضعت لحجر صحي لمدة سبعة أيام.

وبحسب ما تابعته الصحافة الإسرائيلية، كانت وجهة البقرات التالية مستوطنة شيلو اليهودية، الواقعة شمال رام الله في الضفة الغربية. وقد تم تخصيص واحدة من البقرات للبحث العلمي، بينما تم الاحتفاظ بالبقرات الأربع الأخرى في مزرعة خاصة، حيث بدأت باستقبال عدد كبير من الزوار هناك.

ويرى كلينتش أن الاهتمام الكبير بالبقرات الخمسة التي تم نقلها مؤخرًا من تكساس إلى إسرائيل يُعزى إلى أحد أهم الطقوس اليهودية؛ ففي سفر العدد، وردت إشارة إلى ضرورة ذبح بقرة حمراء "لتطهير" المكان الذي يقع فيه المسجد الأقصى اليوم في القدس. ولكن يجب أن تتمتع هذه البقرات ببعض الخصائص الاستثنائية: يجب أن يكون عمرها 26 شهرًا على الأقل، وأن تكون خالية من أي لون آخر غير الأحمر، وأن تكون خالية من العيوب الجسدية، ولم تُستخدم في الحرث أو أي عمل آخر.

ويؤكد رجال الدين اليهود أن العثور على بقرة حمراء تجمع كل هذه الخصائص في آن واحد أمر نادر للغاية، ولم يحدث إلا مرات قليلة في التاريخ. ويدعي معهد الهيكل الذي يركز على هذا الموضوع، أنه تمكن أخيرًا من تربية عجول حمراء وفقًا لمعايير التوراة في مزرعة مسيحية في تكساس.

وبحسب كلينتش، يرفض بعض اليهود المتدينين المعارضين للصهيونية فكرة تربية البقرات الحمراء، معتقدين أن المسيح هو من سيحضرها قبل يوم القيامة. ويؤكدون على عدم إمكانية حدوث مثل هذا التطور في العصر الحديث، وأن تربية العجول في تكساس تمثل تشويهًا للإيمان اليهودي وطقوسه، تمامًا مثل تأسيس دولة إسرائيل. وبالفعل تشير بعض التفاصيل في الأخبار المتعلقة بالبقرات الحمراء إلى احتمالية التلاعب بجينات الحيوانات لضمان مطابقتها مع الخصائص المذكورة في التوراة.

وتابع المقال:

يعود إصرار معهد الهيكل على ذبح البقرة الحمراء إلى محاولة كسر فتاوى الحاخامات التي تحظر دخول اليهود إلى ساحة المسجد الأقصى في شكله الحالي. فمعظم الحاخامات داخل وخارج إسرائيل لا يجيزون لليهود دخول المسجد الأقصى أو العبادة فيه، معتبرين أنه "غير طاهر" لوجوده تحت سيطرة "الكفار" قبل بناء "هيكل سليمان". ويسعى معهد الهيكل إلى "تطهير" المكان من خلال ذبح البقرة الحمراء وحرق لحمها على مذبح خاص، مما يسمح لليهود بدخول مجمع المسجد الأقصى بسهولة. والهدف النهائي هو بالطبع إعادة بناء "هيكل سليمان". ويحاول معهد الهيكل بدعم سياسي وأيديولوجي واقتصادي من الحكومة الإسرائيلية الحالية، فرض الأمر الواقع وقمع اعتراضات اليهود المتدينين باستخدام حججهم الخاصة ضدهم.

يتعرض القدس والمسجد الأقصى لمضايقات صهيونية متزايدة في شهر مايو من كل عام، وازدادت هذه المضايقات بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. ويبدو أن هذا الربيع سيشهد أيضًا توترًا و اضطرابات في القدس. لقد شهدنا في غزة للأسف اختبارًا لقدرة العالم الإسلامي على اتخاذ خطوات ملموسة تجاه القدس، ومدى قدرته على ذلك. فإسرائيل تتحرك براحة كبيرة، واثقة من أنها لن تواجه أي عوائق ملموسة من قبل المسلمين، باستثناء بعض بيانات الإدانة الضعيفة والتهديدات الغامضة والشعارات المكررة.

في مسألة البقرة الحمراء، هناك نقطة أخرى تستحق الاهتمام:

على الرغم من أن السياسة الدولية تبدو وكأنها وصلت إلى معايير "حديثة"، إلا أن النصوص الدينية والطقوس والمعتقدات لا تزال تلعب دورًا رئيسيًا في الخلفية. ولا تزال الإشارات المثيرة للجدل إلى النصوص القديمة تُستخدم كعوامل حاسمة في عالمنا اليوم. وفي ظل وجود التوراة والإنجيل - في نسخها المحرفة - على الساحة وتأثيرهما الكبير، هل يحاول المسلمون قراءة القرآن الكريم كنص "استراتيجي" و"تاريخي" في نفس الوقت؟ فعلى سبيل المثال، أين يقع طقس البقرة الحمراء في القصة الشهيرة التي سميت سورة البقرة باسمها؟ أو هل "العشاء الأخير" لعيسى مرتبط بالقصة التي ترويها سورة المائدة؟ الأسئلة لا حصر لها. ولا يزال القرآن بانتظار أن نقرأه بمنظور جديد ونفهمه كـ "خارطة طريق" للعصر الحديث.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!