محمود عثمان – خاص لترك برس

يقدم المبعوث الأمم للقضية السورية ستيفان دي مستورا اليوم الاثنين تقريره إلى مجلس الأمن الدولي بعد أن يلتقي مع مسؤولين بما فيهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مرحلة أولى ثم يتوجه إلى مجلس الأمن في مرحلة ثانية، حيث سيقدم المبعوث الأممي التوصيات بشأن سبل المضي قدما في ضوء ما توصل إليه في المشاورات مع الأطراف السورية. وكان دي مستورا قد عقد سلسلة لقاءات مطولة وموسعة مع جميع أطراف الأزمة السورية بما فيها النظام , فقد زار دمشق عدة مرات والتقى رأس النظام بشار الأسد أكثر من مرة . كما التقى طيفا واسعا من المعارضة زاد على أربعمائة شخص بالإضافة لأكثر من لقاء أجراه مع قيادة الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة وكذلك القادة العسكريين الميدانيين في الجيش الحر الذين التقاهم قبل يومين ضمن ماراتونه الدبلوماسي قبيل كتابة تقريره النهائي .

ومن الجدير بالذكر أن السيد دي مستورا كان قد قدم لمجلس الأمن خطة تقوم على فكرة إنشاء منطقة خالية من الصراع بحيث يتم الاتفاق بين الأطراف المتنازعة على تجميد القتال في مدينة حلب، وبقاء كل طرف في موقعه الحالي بهدف إيجاد شكل من أشكال الاستقرار. وفي حال نجاح عملية التجميد فإنها ستشكل حجر الأساس ونقطة الانطلاق للمزيد من العمليات والخطط المماثلة، على أن يتم خلال فترة التجميد السماح بنقل مساعدات إنسانية وغذائية للمناطق المحاصرة والتمهيد لمفاوضات بين النظام والمعارضة. لكن النظام الذي أبدى موافقته عليها ظاهريا أفشلها برفع وتيرة البراميل المتفجرة واستهداف المدنيين في المساجد والمدارس والأسواق الشعبية فارتفع عدد الضحايا بشكل ملحوظ بدل أن يتم تجميد القتال. وكالعادة اتهمت جميع أطراف النزاع بعرقلة مهمة المبعوث الدولي ولم يكترث أحد بأسباب الفشل ومسببيه لأن الجاني لديه مطلق الحرية في ارتكاب المزيد من جرائمه ولو كانت من نوع الجرائم ضد الانسانية طالما أن المجتمع الدولي ينظر بعين واحدة لا ترى سوى تنظيم داعش.

موقف المعارضة

تعاملت المعارضة السورية - بجميع مكوناتها السياسية والعسكرية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات المستقلة - بايجابية ملحوظة هذه المرة رغم تشتت آرائها وتشرذمها وانقسامها، حيث اعتبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية لقاءه مع المبعوث الدولي بالهام والبناء والمثمر , وقدم له رؤية الائتلاف للحل السياسي في سورية متخليا عن فكرة أن "الحل لا بد أن يكون شاملا"، وأن " المبادرات الدولية لا تفيد سوى نظام الأسد وأنها لة الأزمة وليس لحلها" , كما شارك كثير من ممثلي الفصائل العسكرية في المشاورات التي دعا إليها دي مستورا وعقدت في جنيف ولم يقاطعوها كما جرت العادة في السابق .

موقف النظام

في المقابل هرول مبعوثوا النظام إلى موسكو طالبين عرقلة أي مبادرة دولية للحل السياسي في هذه المرحلة بسبب الهزائم المتوالية التي مني بها النظام في الآونة الأخيرة , طالبين مهلة إضافية لتعديل ميزان القوى في جبهات القتال . لكن الجميع بما فيهم الروس يدركون جيدا أن زمام المبادرة العسكرية انتقل إلى طرف المعارضة المسلحة , وأن النظام عاجز عن المحافظة على المواقع التي يشغلها فضلا عن استرجاع المواقع التي فقدها . وبالتالي فقد باتت جميع القوى الدولية على قناعة بأن الأجواء أصبحت مهيأة أكثر من أي وقت مضى للشروع في الترتيب لعقد مؤتمر جنيف3 يجمع أطراف النزاع في سورية.

الموقف الدولي

لازال المجتمع الدولي بعيدا عن أي خطوة فعلية من شأنها تخفيف معاناة المدنيين السوريين في ظل انشغال دول الخليج في عاصفة الحزم والقضية اليمنية التي باتت تستنزف طاقات المملكة العربية السعودية وجاراتها الخليجية سياسيا واقتصاديا وعسكريا في ظل غياب استراتيجية عربية موحدة للأمن القومي والدفاع المشترك حيث بدى جليا أن جميع ما كنا نسمعه بهذا الخصوص إنما كان حبرا على ورق.

في جميع الأحوال فإن تحريك المياه الراكدة وكسر الجمود السياسي لا يعني الحل أو قرب الفرج للسوريين  في ظل الاستقطاب الدولي الحاد وانعدام الثقة والحد الأدنى من التفاهم بين القطبين الدوليين روسيا وأمريكا حيث لاحل إلا من بعد تفاهمهما بينما يدفع السوريون مزيدا من فاتورة الدم والقتل والتشريد والفقر والغربة .

في ظل هذه الأجواء السياسية يقدم المبعوث الأمم للقضية السورية ستيفان دي مستورا تقريره اليوم .

فهل ينجح السيد دي مستورا هذه المرة في إحداث اختراق وتقدم على طريق حل المعضلة السورية ؟.

أم أنه سيبقى على خطى سالفيه كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي ؟.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس