محمود عثمان - خاص ترك برس

أثار كتاب ألفه أحمد سفار كبير مستشاري الرئيس عبد الله غُل بعنوان "اثنا عشر عاما برفقة عبد الله غُل" موجة من التساؤلات حول ما إذا كان هناك خلاف بين الرئيسين عبد الله غُل ورجب طيب أردوغان بدأت معالمه تطفو على السطح. اللافت للانتباه أن غالبية الذين كتبوا ونشروا علقوا قالوا بأنهم لم يطلعوا على الكتاب بعد بل بنوا قناعاتهم على حوار أجرته جريدة حرييت المعروفة بتوجهاتها المناوئة لحزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان تحديدا.

لم يتحدث المؤلف – بحسب ما جاء في حواره مع جريدة حرييت - عن كبير خلاف وشقاق بين الرجلين إنما كان جل ما ذكره أن الرئيس عبد الله غُل كانت له مواقف مغايرة لما ذهبت إليه الحكومة برئاسة رجب طيب أردوغان في بعض القضايا الهامة مثل أحداث جازي بارك والمواقف والسياسات تجاه كل من سورية ومصر والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي. مما هو من قبيل الاختلاف في وجهات النظر وأسلوب التعاطي مع القضايا السياسية وهذا أمر طبيعي اعتيادي لايمكن أن يسمى خلافا يفسد للود قضية، فلكل سياسي طريقته وأسلوبه وطرازه الخاص به.

فلماذا قامت الدنيا ولم تقعد حتى اضطر الرئيس عبد الله غُل لإصدار بيان صحفي توضيحي؟!.

تشير بعض المصادر إلى ضلوع الكيان الموازي – جماعة فتح الله غولن - في تدبير مخطط لإيقاع الفتنة بين الرئيسين غُل وأردوغان، حيث قام مؤلف الكتاب بعقد سلسلة اجتماعات مع مدراء تحرير كل من جريدة حرييت سداد أرجين وجمهورييت جان دوندار الذي وصل لمنصبه بجهود جماعة غولن وهو نفسه الذي لم يتردد في إعادة نشر صور – رغم قرار قضائي يحظر نشرها - الشاحنات التي كانت تنقل مساعدات إنسانية لسورية وكان فيها قطع أسلحة مرسلة للتركمان بحسب الرواية الرسمية، لكن القضاة المنتمين لجماعة غولن أوقفوها وفتشوها بالرغم من وجود مرافقين لها من ضباط المخابرات التركية الذين تعرضوا للضرب والإهانة وكانت وسائل الإعلام حاضرة في المكان وكأنها على علم مسبق! الأمر الذي فسر يومها على أنه عملية فضح للمستور وشكوى للمجتمع الدولي والغربي على وجه التحديد بأن تركيا ترسل هذه الأسلحة لتنظيم داعش إذ لا تزال المحاكم تنظر في هذه القضية المعقدة.

بالعودة للموضوع الأصلي فالواضح أن هناك حملة هدفها تحميل الرئيس أردوغان فشل! حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة تتزامن مع موعد نشر الكتاب وطرحه في الأسواق.

وقد قامت هذه الحملة – الحرب النفسية - على ركيزيتن أساسيتين، أولهما أن الرئيس غُل اطلع على محتويات الكتاب قبل نشره وبالتالي فكل ما ورد فيه يعبر بالضرورة عن وجهة نظر غُل!. أما الركيزة الثانية فهي توقيت إطلاق الكتاب ونشره فقد جاء عقب صدور نتائج الانتخابات البرلمانية مباشرة التي لم يتمكن فيها حزب العدالة والتنمية من الحصول على نسبة تمنحه تشكيل الحكومة بمفرده. مما شكل فرصة يمكن من خلالها كيل التهم وتحميل مسؤوليات الفشل وزعزعة الثقة وطرح مسألة زعامة الحزب من جديد.

من جانبه أصدر الرئيس عبد الله غُل بيانا صحفيا قال فيه بأن العادة قد جرت أن يؤلف مستشاروا الرؤساء كتبا ينقلون من خلالها تجاربهم للأجيال القادمة، وأنه لم يكن موافقا على نشر مستشاره أحمد سفار لهذا الكتاب ولم يكن متحمسا للفكرة من أساسها، لكنه لم يشأ منعه حيث اعتبر ذلك حقا من حقوقه الشخصية،, بالرغم من عدم موافقته على كثير مما حواه الكتاب.

صحف ووسائل إعلام داخلية وعربية وعالمية كانت تقف بالمرصاد من أجل افتعال زوبعة في فنجان، فامتلأت الصحف وكتبت عشرات المقالات والتحليلات وكأنّ حربًا ضروسًا نشبت بين الرئيسين! الرجلان اللذان ضربا خلال مسيرتهما السياسية أروع الأمثلة في الصداقة والوفاء ورفقة الدرب.

درس آخر في الرقي السياسي والسموالأخلاقي تقدمه التجربة التركية الثرية.. فهل من مدكر؟

عن الكاتب

محمود عثمان

كاتب سياسي مختص بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس