كاياهان أويغور - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

ترنُح اليونان وبداية ظهور أعراض السقوط والانهيار لم تكن بسبب حكومة هنا أو هناك وإنما بسبب نظام وموديل حكم طُبّق على مدى عقود طويلة. من أهم أسباب السقوط المدوي الذي تعيشه اليونان اليوم هو المتوسط العام للأعمار في البلاد الذي يواصل الارتفاع حتى وصل في بعض أماكن اليونان أن أصبح بمتوسط عمر 50 سنة، وهو ما يعني أن معظم الناس في تلك المنطقة من المتقاعدين أو الذاهبين إلى التقاعد وهو الأمر الذي يجعل من عملية الإعالة والتغطية المالية صعبة ومستحيلة.

لا تختصر الأزمة على معدل الإعمار وإنما كانت للإمبريالية العالمية والرأسمالية الغربية دور الأسد في هذا الانهيار، فقد أدت الراس مالية صاحبة عبارة "الإنسان يفترس الإنسان" إلى زيادة غناء طبقة من الناس على حساب باقي الشعب. وفي جزء آخر من الصورة نرى أرقام قتل الاجنة في ازدياد مستمر ضمن مشكلة كبيرة عامة في نقصان معدلات الولادة ونقصان معدلات الاهتمام والرعاية للأطفال سواء على المستوى المعيشي أو التعليمي وهو ما يُنبئ بمشاكل عظيمة في المستقبل القريب والبعيد. وفي نفس السياق نرى التضخم الاقتصادي وزيادة أسعار السلع ما يؤدي إلى الفقر وموت الناس جوعا. اما الفاجعة الحقيقية هو ما سيحل بالأجيال القادمة التي ينتظرها ديون ضخمة ستجعل من أطفال الأجيال القادمة رهنًا يُستعبد من أجل هذه الديون.

الأزمة في حقيقتها ليست أزمة اليونان وحده وإنما أزمة الرأسمالية العالمية، فالرأسمالية في كل أرجاء المعمورة تترنح وتعيش مخاطر أزمات اقتصادية محتملة، وما أمريكا عنا ببعيد عندما رأينا إفلاس حيتان الاقتصاد الأمريكي وآلاف البنوك والشركات الأخرى من كل المستويات سواء الكبيرة أو المتوسطة والصغيرة. الرأسمالية العالمية تدفع العالم إلى الانهيار بمحاولتها المستمرة والمتكررة لفرض الهيمنة والسيطرة بكل أنواع القوة على كل طبقات الشعوب.

أما في الطرف الآخر من الصورة نرى محاولات تركيا في تقديم يد المعونة والمساعدة الى جارتها اليونان، فقد عمدت الى تقديم بعض المليارات في سبيل تقديم شكل من أشكال الدعم، لكن الذي لم يكن منطقيا لكثير من الناس أن هذه الخطوة تأتي بعد ما نعرفه من طبيعة العالقة مع اليونان سواء من ناحية كوننا الماضي للإمبراطورية الإسلامية أو ما كان بعدها من حروب الترك مع اليونان، وأيضا يقول قائل ما لذي تفعله بضع مليارات في أزمة اقتصادية ضخمة تحتاج لأكثر من هذا بكثير، وكأنك تلقي بحصى في بئر خاوي. اليوم نرى الأزمة في اليونان وغدا سنراها في إيطاليا واسبانيا والبرتغال وفرنسا والحبل عالجرار. ولهذا فأننا بعد أن عرّفنا المرض بالرأسمالية يجب علينا محاربته وتغيير النظام والموديل إلى ما هو أفضل للشعوب والعالم أجمع.

عن الكاتب

كاياهان أويغور

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس