الأناضول

نددت الخارجية التركية بشدة، بقرار مجلس النواب البلجيكي حول ما سماه بــ "إحياء الذكرى المئوية للإبادة العرقية الأرمنية".

وأكدت الخارجية في بيان لها، أن القرار الصادر أمس، يمثل تكرارا لاتهام بلجيكا المجحف بحق تركيا، وتحريفا للحقائق التاريخية، وتجاهلا. ولفت البيان أن مثل هذه الخطوات من شأنها التأثير سلبا على العلاقات الثنائية.  

وأوضح البيان أن القرار المذكور إنما يعد الحلقة الأخيرة في سلسلة الأنشطة الرامية لتشويه سمعة الأتراك وتاريخهم، المتواصلة منذ مطلع العام الحالي، مشددا على ضرورة إدراك أن مثل هذه القرارات لا تخدم المصالحة التركية الأرمنية بأي شكل من الأشكال.

وأردف البيان أنه من الصعوبة بمكان فهم انشغال مجلس النواب البلجيكي بهذا الملف، وهدر الوقت المخصص للاهتمام بتحقيق الرفاه لمواطنيه، من أجل مسألة لا تحظى بتوافق تاريخي و قانوني وأكاديمي وسياسي.

ووافق البرلمان البلجيكي أمس بغالبية كبيرة على مشروع القرار المقدم من قبل الأحزاب المشاركة في الحكومة، حيث صوت 124 نائبا لصالح القرار الرمزي، في حين امتنع 8 نواب عن التصويت. 

يذكر أن رئيس الوزراء البلجيكي "شارل ميشيل"، وصف المزاعم الأرمنية المتعلقة بأحداث عام 1915 بـ"الإبادة العرقية"، في كلمة ألقاها أمام البرلمان، في الثامن عشر من الشهر الحالي.

ما الذي حدث في 1915؟

 تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.

وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، لقي دعمًا كبيرًا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.

وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق امدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلوها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.

وسعيا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، واعتقال ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة العرقية" المزعومة، في كل عام.

وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 مايو/ آيار، من عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.

ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الانسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.

وتؤكد الوثائق التاريخية، عدم  تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرى إعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية، رغم عدم وضع الحرب أوزارها.

وعقب انسحاب روسيا من الحرب جراء الثورة البلشفية عام 1917 تركت المنطقة للعصابات الأرمنية، التي حصلت على الأسلحة والعتاد الذي خلفه الجيش الروسي وراءه، واستخدمتها في احتلال العديد من التجمعات السكنية العثمانية.

ويفضل الجانب الأرمني التركيز على معاناة الأرمن فقط في تلك الفترة، وتحريف الأحداث التاريخية بطرق مختلفة، ليبدو كما لو أن الأتراك قد ارتكبوا إبادة جماعية ضد الأرمن.

وفي المقابل دعت تركيا مرارًا إلى تشكيل لجنة من المؤرخين الأتراك والأرمن، لتقوم بدراسة الأرشيف المتعلق بأحداث 1915، الموجود لدى تركيا وأرمينيا والدول الأخرى ذات العلاقة بالأحداث، لتعرض نتائجها بشكل حيادي على الرأي العام العالمي، أو إلى أي مرجع معترف به من قبل الطرفين، إلا أن الاقتراح قوبل برفض من أرمينيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!