محمد بارلاص - صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

نُعاين اليوم حدث غريب عن عُرف السياسة العالمية عندما نلاحظ ان حزب الشعوب الديمقراطية بقيادة صلاح الدين دميرتاش وحزب العمال الكردستاني وقد خرجوا من ظل مدار زعيمهم الفعلي سابقا الروحي حاليا عبدالله أوجلان ليتوجهوا نحو ظل ومدار التنظيم الموازي وزعيمه غولن، فالظروف الصعبة التي يمر بها حزب الشعوب الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني منعهم من مناقشة وجرد خططهم السياسة وغير السياسية مع القائد اوجلان مما ادى الى هذا الانحراف عن قيادة الربان الى خط التنظيم الموازي، وللتاريخ فقط فان هذا الانحراف لم يكن الأول في صفوف الاكراد بل كان لهم سابقة فيه في تسعينات القرن الماضي.

في سياق ما نعايشه اليوم من تطورات في الساحة التركية والساحة الإقليمية فإنني أرى الزهايمر الاجتماعي وقت وقع في حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطية، فهم نسوا ويتناسوا ما كان قبل محادثات السلام وما كانت عليه الواقعة، او انهم يتغاضون ويردون الطرف عن دروس التاريخ التي تعلمنا بدروس ووقائع مشابهة، وما محادثات لندن عنا ببعيد في بداية الحرب العالمية الثانية بين المانيا وانجلترا....

أرى وكما يرى الخبراء باننا نعيش في اعقاب مرحلة تاريخية وبداية مرحلة أخرى، وعليه فان محاولات استرضاء وتهدئة حزب الشعوب الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني اعتقد بانها قد ولت؛ فالحزب يعتقد بانه مدعوم من أمريكا وان الدعم الأمريكي له لن يتوقف وهو ما تشير الى غيره كل الحقائق، فأمريكا تعيش هي الأخرى مرحلة تحول ودعمها لسياسيات الاكراد او المشروع الكردي لن يكون الى نهاية الطريق وهو ما لا يستوعبه حزب العمال الكردستاني مع ممثله السياسي حزب الشعوب الديمقراطية، وما قد غفلوا عنه أيضا ان تركيا تعيش مرحلة تحول تاريخي هي الأخرى ما يعني ان محاولات التهدئة لن تكون مطروحة الى الابد على طاولة الحوار.

لعلهم يتغافلون عن نتائج ما اقترفته افعالهم السياسية والعسكرية، فبعد انتخابات 7 حزيران الأخيرة وبعد الحرب الإعلامية الشرسة على اردوغان والحكومة التركية، اتخذت تركيا والحكومة التركية موضع الدفاع عن النفس وبدا خط القومية التركية هو المسيطر على المشهد التركي وبدأت دعوات الحزب القومي تلقى لها أذانا صاغية، افلا يرون هذا؟؟؟

وعليه فان محادثات السلام وخيار التهدئة والحلول السياسية لن تكون متاحة مثل الفترة السابقة بسبب التغيرات الجذرية التي طرئت في الجو السياسي العام، ولو كان اوجلان هو المحدد لسياسية حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطية لما قبل بمثل هذه الصدامية المفرطة ولترك للصلح محل مع الحكومة التركية، ولأمر اتباعه بترك السلاح والتمسك بالخيار السياسي.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس