ترك برس

بعد أن بدأت عملية السلام الداخلي بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني "بي كي كي" بشكل رسمي بتاريخ 28 كانون الأول/ ديسمبر 2012 بآمال عالية وقوية لم تستمر طويلًا، حيث تعرضت بعد الانتخابات البرلمانية التركية التي جرت بتاريخ 7 حزيران/ يونيو إلى انتكاسة وعادت من جديد إلى وضعها السابق بل وبشكل أشد مما كانت عليه قبل إبرام اتفاقيات السلام.

يصف البعض من المطلعين على  الشأن التركي بأن الاقتتال الجاري بين تركيا وحزب العمال الكردستاني هو "مشكلة عرقية" بينما يصف البعض الآخر هذا الاقتتال بأنه "اقتتال مطالب ديمقراطية"، ويشير المُطلع على التوصيفات المختلفة للمشكلة الكردية الحقوقي عبد الله تونج الباحث في معهد أنقرة الاستراتيجي، في دراسة أكاديمية له بعنوان "الحكومة التركية وتحدي حزب العمال الكردستاني" نُشرت على الصفحة الرسمية للمعهد بتاريخ 11 آب/ أغسطس 2015، بأنه "ومع اختلاف التوصيفات للمشكلة الكردية إلا أن لُب وأساس المشكلة واحد وهو "مشكلة الانفصال أو "الاستقلال الكردي في تركيا" التي عادت طبول حربها تدق من جديد في تركيا وأصبح التحدي القديم الجديد القائم بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني قائمًا ويحتاج إلى عمل جاد ونشط".

ويبين تونج أن "أساس التحدي أمام الحكومة التركية الأن هو تحد أمني قومي استراتيجي قائم على هدف أساسي وهو، تصفية حزب العمال الكردستاني "الإرهابي" الإنفصالي بشكل كامل وبشتى الوسائل، ولكن الجانب الحقوقي والقانوني لهذا التحدي وحجم الاقتتال بين الطرفين أيضا ً يعتبر جانب ذو أهمية عالية للتوضيح والمناقشة بناءًا على مدى تناسقه مع القانون الدولي".

وحسب وصف تونج؛ حسب القانون الدولي "منذ بدأ حزب العمال الكردستاني بأعماله الإرهابية عام 1984 إلى يومنا الحالي وتركيا تحارب بمستوى "حربي منخفض الحجم" ضد جماعات انفصالية بينما حزب العمال الكردستاني يصف الحرب الجارية بينه وبين الحكومة التركية على أنها مستمرة في إطار تحرير "الجغرافيا الكردية" الواقعة بين تركيا وإيران والعراق وسوريا وتأسيس دولة "كردستان المستقلة" على أساس المبادئ العامة للقانون الدولي وأسسه المتعلقة بالعرف والعادة واللذان يقران بالحقوق الإنسانية الطبيعية للأقليات الكبرى التي تحاول الاستقلال الذاتي".

وفي شأن متصل يفيد الباحث الحقوقي أوميت أوزداغ، في دراسة حقوقية له بعنوان "ماذا كسب حزب العمال الكردستاني،  ماذا خسرت تركيا؟" نُشرت بتاريخ 17 تموز/ يوليو 2013 على الصفحة الرسمية لموقع معهد أبحاث القرن الواحد والعشرين الاستراتيجي، بأنه "إذا تمكن حزب العمال الكردستاني من تعميق المشكلة والاقتتال الداخلي واستطاع نقل المشكلة إلى الساحة الدولية على أنها مشكلة استقلال أقلية إنسانية فإنه يمكن أن تقوم بعض العناصر الحاقدة على التقدم والنمو الاقتصادي التركي بتبني القضية ونقلها إلى المحافل الدولية وتسعى لتطبيق حقوق الإنسان الدولية النابعة من أسس المبادئ العامة والعرف والعادة الخاصين بالقانون الدولي، وإذا تم ذلك فإن حزب العمال الكردستاني سيتمكن من الحصول على هوية "القضية الحقوقية الدولية" وبالتالي سيتمكن من الوصول إلى هدفه الانفصالي من خلال القانون الدولي".

ويصف أوزداغ "الأمر بأنه جد خطير ويجب على الحكومة التركية دومًا أن تحرص على تطبيق المستوى الحربي كبير الحجم تجاه هذه الجماعات الارهابية الانفصالية قبل فوات الأوان وقبل وصول القضية إلى المحافل الدولية وعندها ستعجز تركيا عن رد القضية من هناك لأنه سيكون هناك الكثير من الداعمين لها لا سيما هؤلاء الذين أصبحوا يكيدون لتركيا وينتظرون وقوعها على أحر من الجمر".

وتبين الصحفية والكاتب التركية إيزجي باشاري، في مقال تحليلي لها نُشر في جريدة راديكال، بأن "عملية السلام الداخلي أظهرت مدى عدم جدية حزب العمال الكردستاني وذلك لأنه خلال مباحثات عملية السلام الداخلي تم الاتفاق بين الطرفين على ترك حزب العمال الكردستاني للسلاح والانسحاب من تركيا، ولكن حزب العمال الكردستاني لم يقم بذلك بل قام بتنظيم نفسه بشكل أقوى وعمل على تقوية معلوماته وأجهزته الاستخباراتية في المدن الرئيسية وقام بتقوية طرق تهريبها للسلاح إلى الداخل التركي وغيرها الكثير من التطبيقات التي قام حزب العمال الكردستاني ليثبت مدى عدم جديته في إيجاد حل وسط وإنساني للقضية الكردية".

وتوضح أيضًا باشاري أن "بدأه بالعمليات الهجومية المفاجئة على الجيش والشرطة التركية بعد انتخابات 7 حزيران/ يونيو مباشرة هو أكبر دليل على ركاكة ادعائه بأن هدفه الأساسي من النضال هو تحقيق الحرية والحقوق الديمقراطية للمواطنين الأكراد في تركيا، هذه الحقوق والحريات تم تحقيقها وبشكل كبير خلال عملية السلام الداخلي ولكن يبدو أن هدفه الأساسي هو الانفصال الكامل والانضمام لكردستان العراق ومن ثم كردستان سوريا، لذا يجب على تركيا أن تكون حريصة وأن تتخذ جميع الخطوات الحازمة لمنع هذا الحزب الإرهابي الانفصالي من تحقيق مأربه الخطير".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!