محمود عثمان - خاص ترك برس

أشارت تقارير عسكرية غربية أن روسيا أرسلت فريقا عسكريا متقدّما إلى سورية، ونقلت وحدات سكنية جاهزة لمئات من الناس إلى مطار بالقرب من اللاذقية، وسلمت أيضا محطة محمولة لمراقبة الحركة الجوية إلى المطار، ضمن مساعي تهيئة البنية التحتية، كما أشارت تقارير حتمية لقدوم بقية القوات، حيث تتضمن البنية التحتية تهيئة المرافئ والمطارات وأماكن السكن وشبكة المواصلات والاتصالات ومستودعات الأسلحة وغيرها من الوسائل اللوجستية اللازمة لهذا الكانتون. مماثلة عن نقل أسلحة جديدة، وحتى قوات قتالية، وفق تصريحات مسؤولين عسكريين أمريكيين مفادها أن موسكو نقلت طاقما جديدا من العسكريين، بالإضافة إلى طائرات ومعدات جديدة إلى سورية في الأيام الأخيرة. تزامن ذلك كله مع انتشار ادعاءات عن عزم روسيا تشكيل كانتون (دويلة) في الساحل السوري موال لها، يمتد من مرفأ طرطوس إلى مدينة اللاذقية، مرورًا بمدينتي بانياس وجبلة. وأوضحت المصادر نفسها أن تشكيل هذا الكانتون سيكون على غرار "الجمهوريتين" اللتين أعلنتا من جانب واحد في حوض الدونباس بالشرق الأوكراني.

ولتنفيذ هذا الأمر، الذي تعتبره خطتها "ب" في سوريا، أرسلت روسيا إلى الساحل السوري طلائع من المرتزقة والمقاتلين الروس، إضافة إلى عتاد عسكري متطور، بينما لم يخف الجانب الروسي تحركه الأخير في سورية إذ جاء على لسان المتحدثة باسم الخارجية الروسية زاخاروفا أن بلادها "لا تنكر ولا تخفي تزويدها حكومة دمشق بالسلاح والعتاد الحربي، لمساعدتها في مكافحة الإرهاب".

بينما يلفظ بشار الأسد أنفاس حكمه الأخيرة سيكون من الطبيعي أن تقدم روسيا على حماية مصالحها في سورية بشكل مباشر، حيث مركز الدعم والإمداد الموجود في مدينة طرطوس له أهميته الاستراتيجية بالنسبة لها، إذ هو آخر موقع لروسيا في البحر الأبيض المتوسط، بعد انتهاء عقد استئجارها قاعدة قبرص، والأمريكان لا يعارضونهم في ذلك بل يوافقونهم ويشجعون!.

لكن الروس يدركون في الوقت ذاته أن التدخل العسكري خارج حدود روسيا، ولا سيما في المنطقة العربية له تبعات كبيرة جدا، ليس أولها تكرار السقوط في مستنقع أشد شراسة من أفغانستان، ولن يكون آخرها التفريط بحجم كبير من المصالح الاقتصادية المتبادلة مع الدول العربية والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص.

يدرك الروس أن أي تدخل عسكري روسي مباشر في سورية سيحولهم إلى قوة احتلال أجنبية، سيتحد على مقاومتها جميع مكونات الشعب السوري، ويدركون جيدا أن إيران التي زجت بكل قواها ابتداء من حزب الله إلى كتائب أبو الفضل العباس وعصائب أهل الحق وبقية الفصائل الشيعية وليس انتهاء بالمرتزقة الكوريين، لم تحل دون تقهقر الأسد وخساراته الميدانية المستمرة.. كما يدرك الروس يقينا ثمن التدخل في أفغانستان الذي كان أيضًا اعتداء على شعب مسكين، حينما خرجوا منه مهزومين منكسي الرؤس بضربات قاضية، مما أدى إلى انهيار الاتحاد السوفيتي. ما الذي يمنع أن يتكرر ذلك في سورية؟.

إن ما يقوم به بوتين ووزير خارجيته لافروف ليس سوى عملية تشبيحية تمارسها دولة عظمى ضد شعب مظلوم كل ذنبه أنه يطالب بحريته وكرامته..

عن الكاتب

محمود عثمان

كاتب سياسي مختص بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس