حسين بيسلي - صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

بعد أحداث داغليجا وبعد المكالمات الطويلة مع أصدقائي الأكراد وبالذات من هم في ديار بكر، فإني أرى أن كل ما كنت قد كتبته سابقاً عن خيارات الأكراد بعد 7 حزيران قد ذهبت أدراج الرياح؛ وبتنا بهذا نعيش حسابات إقليمية جديدة. ففي الوقت الذي كانت ترتقي فيه أرواح الجنود العساكر ليسقطوا شهداء؛ كان صديقي يتكلم بكلمات تذوب معها المعاني "إما نتركهم أو نُقتل" لقد قالها غاضبا وزاد عليها "لم تعد الحياة ممكنة في ديار بكر، وبتنا مجبورين على الاعتراف بهم، وحتى وإن اعترفنا بهم فهم لن يصدقونا بسبب هويتنا المتدينة؛ ولهذا فانه سيتحتم علينا ترك ديارنا وأوطاننا التي حضنتنا لأكثر من 60 عاما" وتابع قائلا " هل تذكر عندما اجتمعنا ببعض الشخصيات القيادية في أوائل 2011 في انقرة وقلت لهم انتبهوا جيدا وحذروا خط هكاري- شيمدنلي- سيلوبي- جيزرة، فلقد حذرت حينها من أفعال حزب العمال الكردستاني؛ الذي كان يطرد المتدينين ورجال الدين الذين لا يدعون الى دعمهم، واليوم بتنا نرى محاولاتهم الجدية لإقامة حكم ذاتي في تلك المناطق"

وكما كان صديقي يتألم من داخله وهو يحدثني عن هذه التطورات فإني أعلم أن البعض قد تلتبس عليه الأمور فيما يتعلق بمحدثات السلام مع الاكراد. ثم اتبع صديقي حديثه وقال" وبعد الخط السابق اتبع التنظيم استراتيجية جديدة تتمثل في اسقاط خط جديد الا وهو خط ارض الروم - آغري- كاريس- اورفا. لقد رأينا نتائج هذه الاعمال جلية في الانتخابات الأخيرة، فالتنظيم عمل أيضا على خط اديمان- مالاطيا- الازيغ، ولقد حذرت أصدقائي الذين يعيشون في تلك المناطق عما يمكن أن يحصل كما حذرتك من قبل..." وكما نفهم من حديث صديقي، فإن أفعال وخطط يجري تطبيقها على قدم وساق في الوقت الذي ما زال الكثير منا يغط في سبات عميق.

يسعى حزب العمال الكردستاني الى تثبيت الحكم الذاتي وذلك لثلاث أهداف:

يُريد ان يزيد التماس مع القوى الأمنية ليزيد بذلك الضحايا والمغدورين؛ وبالتالي سيستطيع إدخال الدول الغربية في المعادلة التركية والشأن التركي الداخلي، لكن ورغم محاولاتهم الحثيثة وتطبيقهم الحكم الذاتي في مناطق عديدة؛ الا انهم باءوا بالفشل، فمثلا في دياربكر لم ينجحوا في دفع الناس للخروج الى الشارع، كما لم ينجحوا في دعوتهم الى العمل كما حدث في بلدية دياربكر.
لقد تغيرت التكتيكات التي يتبعها حزب العمال الكردستاني في الآونة الأخيرة، فعمليات قطع الشوارع باتت تتم في وضح النهار؛ وباتوا لا يخشون من اظهار أسلحتهم؛ حتى انهم باتوا يلبسون اللباس الموحد ويصوروا أنفسهم؛ ليبعثوا بذلك رسالة واضحة من خلال اتفاقية جنيف ترمي الى إدخال الأطراف الخارجية أمثال إنجلترا وألمانيا للتدخل في عملية احتواء الامر في تركيا، وظهر هذا جليا في كلام رئيس بلدية جيزري الذي صرح على احدى الشاشات الإنجليزية وقال " اننا في صدد حرب داخلية هنا".
واما الهدف الأساسي والرئيسي من اعلانهم للحكم الذاتي؛ هو محاولتهم لدفع البلاد نحو أجواء مواتية ومشابهة بظرف الانقلاب العسكري. ويلقى حزب العمال الكردستاني في خطته هذه الدعم الخارجي من إنجلترا وألمانيا، وكذلك الدعم الداخلي من التنظيم الموازي ووسائل اعلام دوغان التي تتحرك ضمن استراتيجية موحدة ومحددة لتحقيق هذا الهدف. ولو نظرنا الى الانقلابات السابقة لوجدنا ان أكبر الخاسرين هم الاكراد، فما الذي يهدف اليه حزب العمال الكردستاني؟ للجواب على هذا يجب ان نعلم بان هذا الحزب يُمثل جزء اصيل من الشبكة العالمية، وان حزب العمال الكردستاني لا يستطيع رفض ما تطلبه القوى العالمية منه، ويزيد على هذا ما يعتقده الحزب بانه في الجبال وانهم يحابون؛ فما الذي تغير او سيتغير ان فعلوا ما يفعلون؟

وحسب راي اوز فان تركيا ستعاني من الام العملية الجراحية التي تحصل في المنطقة، ولتعلموا حقيقة حزب العمال الكردستاني يمكنكم الاطلاع على كتاب " كردستان الملحدة". ثم اكمل صديقي كلامه وأوضح بان المشكلة تحمل بعدا إيرانيا، فاغلب القوة التي يملكها الحزب هي من ايران، كما وان النظام السوري قام بتهديد الحزب في حال توصل الى اتفاق مع الحكومة التركية؛ فهددوهم بخنقهم في الأراضي السورية؛ ولان حزب الاتحاد الديمقراطي يربط حياته بالكنتونات والمناطق التي أعطيت له من نظم الأسد في الشمال السوري؛ فالحياة في هذه المناطق ما تزال مرتبطة بالنظام السوري وبيروقراطيته ، فلو سحب الأسد دعمه لتلك المناطق فإنها ستسقط بأيدي الجيش السوري الحر؛ ولهذا فان حزب العمال الكردستاني لم يتحمل مثل هكذا خسارة فهاجم تركيا من دون تفكير.

عن الكاتب

حسين بسلي

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس