بولنت إرانداتش - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس

نعزي شعبنا في ضحايا الهجوم الإرهابي الذي حصل يوم أمس، ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى. ولا شك بأنّ الخائنين، الذين باعوا أنفسهم للجهات الخارجية، قد نجحوا في سفك دماء مواطنين أبرياء في أنقرة، لكن من قام بهذه المجزرة؟ ولماذا قاموا بها؟

إذا استطعنا تحديد توقيت  هذه المجزرة المخطط لها مسبقا، وتعرفنا أكثر على تفاصيلها وكيفية حدوثها، والأهداف التي ستحققها مثل هذه المجزرة، حينها يسهل علينا معرفة وفهم من يقف خلف هذه التفجيرات.

هناك عدة احتمالات للعمل الجبان الذي حصل يوم أمس:

الاحتمال الأول: أن يكون منفذ هذا الهجوم هم حزب العمال الكردستاني الخائن، ومعه اتحاد المجتمعات الكردي (KCK) بالإضافة إلى جبهة حزب التحرر الشعبي الثوري (DHKP-C)، بأوامر حصلوا عليها من أجهزة الاستخبارات الأجنبية، والمتتبع لحيثيات الانفجار يجد أنّ هذا الاحتمال وارد جدا.

الاحتمال الثاني: أنْ تكون مجرد عملية مشتركة بين حزب العمال الكردستاني وجبهة حزب التحرر الشعبي الثوري المتطرفة.

الاحتمال الثالث: أن تكون داعش من تقف خلف هذا الهجوم من أجل إظهار أنها تقف ضد حزب العمال الكردستاني.

لا يمكن للأحزاب الكردية المتطرفة، مثل حزب العمال الكردستاني واتحاد المجتمعات الكردي وجبهة حزب التحرر الشعبي الثوري، أن تكون هي العقل المدبر لمثل هذا الهجوم المرعب، لأنّ مستواهم الفكري لا يصل لدرجة التخطيط لمثل هذه العملية، وإنما ربما يكونون قد أخذوا التعليمات من قوة عليا، يمكن إطلاق عليها العقل المدبر، أو العقل الاستراتيجي، أو من العقل الذي يدير هذا العالم.

هناك أهداف عديدة للمجزرة التي حصلت في أنقرة:

على صعيد السياسة الداخلية: ضرب الاستقرار في تركيا، وإيجاد حالة من الفوضى، والحيلولة دون سقوط حزب الشعوب الديمقراطي وصلاح الدين دميرطاش تحت نسبة الحسم في الانتخابات المقبلة.

على صعيد السياسة الخارجية: منع تركيا من التأثير في المشهد السوري، وإجبارها على تغيير السياسة الخارجية التركية القومية والمستقلة.

طريقة تنفيذ الهجوم: تُظهر طريقة تنفيذ الهجوم في أنقرة أنها كانت مماثلة لعمليات وأحداث سابقة، حيث تم الهجوم من خلال انتحاريين يحملان قنابل بلاستيكية، كما حدث في انفجارات "مهرجان حزب الشعوب الديمقراطي في ديار بكر، وفي مجزرة سوروج"، وقد كان متشددون من حزب العمال الكردستاني واتحاد المجتمعات الكردي من يقف خلف هذه الأحداث السابقة، حيث استطاع حزب الشعوب الديمقراطي تجاوز نسبة الحسم بعد حصول تفجيرات ديار بكر. أما في مجزرة سوروج، وبالرغم من استخدام متشددين من داعش لتنفيذها، إلا أنّ نتائج هذه المجزرة كانت بأن بدأ حزب العمال الكردستاني واتحاد المجتمعات الكردي مرحلة زعزعة الاستقرار في تركيا.

توقيت مجزرة أنقرة يشير إلى 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث يسعى العقل الأجنبي إلى إنقاذ حزب الشعوب الديمقراطي من الأزمة التي يعاني منها، ولهذا تم توجيه هذا الانفجار إلى اليساريين الذين جاؤوا من شتى أنحاء تركيا من أجل الإعلان عن رفضهم للحرب وللعنف.

وتحمل تصريحات صلاح الدين دميرطاش بعد هذه الحادثة، والتي اتهم فيها الحكومة التركية وحملها المسؤولية، دلالات واضحة على  حقيقة هذا الانفجار وحقيقة أهدافه، وهو تجميع كل العناصر التي تقف في وجه حزب العدالة والتنمية تحت إطار واحد قبل انتخابات 1 تشرين الثاني /نوفمبر، ومحاولة إنتاج حالة من الفوضى من الانتخابات المقبلة، وهذه حملة لإنقاذ حزب الشعوب الديمقراطي من حالة التدهور التي يعيشها.

خداع حزب العمال الكردستاني بوقف إطلاق النار: من المفيد أن ننظر بصورة معمقة لقرار حزب العمال الكردستاني المخطط له مسبقا مع وكالات الاستخبارات الأجنبية بوقف إطلاق النار، وذلك قبيل حدوث المجزرة في أنقرة، حيث بدأ حزب العمال الكردستاني بتطبيق تكتيك "وقف إطلاق النار من طرف واحد"، وكان يطمح لتحقيق ثلاثة أمور من هذه الاستراتيجية:

1-   تعرض حزب العمال الكردستاني لضربات موجعة من قبل القوات التركية، ولهذا كان يريد كسب المزيد من الوقت من اجل إعادة التعبئة سواء من المحاربين أو من السلاح.

2-   يريد حزب العمال الكردستاني استخدام عناصره المتواجدة في تركيا من أجل مواجهة داعش في سوريا، وهذا كان مطلب وأوامر من الاستخبارات الأجنبية لحزب العمل الكردستاني، وهم مجبرون على تنفيذ الطلبات الأمريكية.

3-   أرادوا من خلال الإعلان عن وقف إطلاق نار أحادي الجانب، إنقاذ حزب الشعوب الديمقراطي من حالة التقهقر التي يعيشها، حتى لا يسقط تحت نسبة الحسم، وحتى تزيد نسبة الأصوات المؤيدة للحزب قبل الانتخابات مطلع الشهر المقبل.

النتيجة: قال المدعي العام "زكريا أوز" التابع لجماعة فتح الله غولن، والذي هرب نحو ألمانيا، في حديثه عن أحداث "غزي بارك"، يقول: "لو أنّ حزب العمال الكردستاني شارك في أحداث غزي بارك لما بقيت الحكومة قائمة حتى الآن، لكن الحزب لم يشارك بأوامر لا نعلم مصدرها".

شارك الاشتراكيون والشيوعيون وبدعم كل المنظمات التي تقف في وجه حزب العدالة والتنمية، وكذلك بدعم حزب الشعب الجمهوري، كلهم شاركوا في أحداث "غزي بارك-التقسيم"، أما المواطنين الأكراد فلم يدعموا هذا الحراك، لكن مع افتعال أحداث كوباني في 6-7 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، استطاعوا جمع الشيوعيين والاشتراكيين وحزب العمال الكردستاني واليساريين تحت إطار واحد هدفه الوقوف في وجه حزب العدالة والتنمية والحكومة التركية.

يحاولون الآن من خلال مجزرة أنقرة، إلى توسيع الجبهة التي تهدف لإسقاط حزب العدالة والتنمية، لكن شعبنا العزيز سيدوس بأقدامه على هذه المحاولات.

عن الكاتب

بولنت إرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس