جلال سلمي - ترك برس

منذ تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي عام 2003 وهو يُعلن بأن الهدف الأساسي له هو تأسيس كيان منفصل ومُستقل للمواطنين الأكراد في سوريا وبين بأن هذا الكيان سيكون فيدارالي غير منفصل عن سوريا بشكل كامل، وقد استمر حزب الاتحاد الديمقراطي في المطالبة بذلك إلا أن قامت الثورة السورية في أيار/ مايو 2011 وبعدها أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي على الفور أنه تم تأسيس كيان كردي مستقل غير منفصل بشكل كامل في شمال سوريا وستكون مدينة قامشلي هي عاصمة هذا الكيان.

وعلى الرغم من إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي، في أكثر من لقاء تلفازي لقائده صالح مسلم، بأنه سيبقى على انتماء كامل لسوريا وبأنه سيؤسس الكيان الكردي المُستقل من أجل الحفاظ على حقوق المواطنين الأكراد التي تم سلب حقوقهم منذ استقلال سوريا وحتى التاريخ الحديث إلا أنه وما أن سنحت له الفرصة بعد حصوله على دعم دولي مُطلق شرع في ممارسة العنصرية تجاه المواطنين العرب والتركمان القاطنين في بعض القرى الموجودة داخل الإقليم الذي يسعى حزب الاتحاد الديمقراطي إلى إعلانه منطقة كردية مُستقلة وأكبر مثال على ذلك منطقة تل الأبيض التي هاجمها حزب الاتحاد الديمقراطي وحاول افراغها من سكانها العرب والتركمان وإسكانها بالأكراد لإحداث تغيرات ديمغرافية تدعم خياله المستقبلي في الاستقلال.

وحسب تقدير من الخبراء؛ فإن حزب العمال الكردستاني يُدعم وبشكل قوي جدًا من التحالف الدولي الذي يقوم بقصف المدنيين العُزل في القرى العربية والتركمانية لجبرهم على ترك قراهم وهجرتها وحلول المواطنين الأكراد محلهم، وهذا ما تتطرق إليه الكاتبة التركية نيهال كاراجا، في خاطرة أدبية لها بعنوان "لا يوجد لنا مكان آخر نذهب إليه" نُشرت في جريدة خبر ترك بتاريخ 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، وتنقل كاراجا مُعاناة المواطنين العرب والتركمان الذين تم ترحيلهم قسرًا من مناطق إقامتهم إلى مخيمات الهجرة في تركيا من خلال الاستشهار بشهادة المغدورين نفسهم؛ ونذكر بعض هذه الشهادات بالشكل التالي:

كانت شهادة بسمة من تل أبيض على النحو التالي: "يأتون إلينا بالسلاح ويهدودنا ويقولون يجب عليكم الرحيل من هنا لأنكم إرهابيين ولا مكان لكم هنا  ويبدؤون بتخويفنا وأطفالنا بالسلاح وإطلاق الرصاص في الجو وكما يهدودنا بقصف قوات التحالف".

وأما صفوان فكانت شهادته بالشكل التالي: "كنا نائمين في أمان الله؛ وإذ فجأة استيقظنا على واقع إطلاق النار في الهواء لنجد أنهم قاموا بحرق بيتنا ولم يتسنى لنا أخذ شيء من داخل البيت سوى  أنفسنا التي فررنا بها إلى هنا، لماذا نترك وطننا قسرًا وتحت تهديد الكرد الذين لم نؤذيهم في يوم من الأيام؟".

يقول سلمان من قرية تل أبيض: "حاولنا العودة إلى بيوتنا ولكن لم يأذنوا لنا بحجة الأمن فاضطررنا للبقاء لمدة 12 يوم في الخلاء منتظرين منهم السماح لنا بالعودة إلى قرانا، لم يفارق أزيز الرصاص جراء الاشتباكات بينهم وبين داعش مسامعنا خلال بقائنا في الخلاء وكان الخوف مُسيطرًا على أطفالنا الذين فشلنا في تطمينهم وتهدئتهم، وفي آخر يوم لنا من الانتظار رأينا حزب الاتحاد الديمقراطي يرفع علمه على قريتنا ويقول لنا لا مكان لكم هنا هيا انصرفوا!! إلى أين نذهب؟ نحن هنا في تركيا ولكن لا نريد البقاء طويلًا نريد الرجوع إلى بلادنا وبيوتنا".

وتقول صباح من قرية رنين: "كانوا يأتون في كل يوم دون أن يقولوا أي شيء، ولكن في آخر مرة أتوا بها إلينا قالوا إن أمامنا ساعتين فقط لترك القرية وهدودنا بقوة السلاح".

أما طلال من قرية عبدي فيقول: "قبل القدوم إلى هنا كان المُعاملة مُهينة جدا ً، في أحد الأيام نادوا عبر مُكبرات الصوت على جميع أهل القرية بأن يتجمعوا في مدرسة القرية وبعد أن وصلنا إلى هناك وضعوا جميع الرجال على الحائط وفتشوهم تفتيشا ً دقيقا ً وبعدها قالوا لنا بأن أمامنا ساعتين لترك القرية واتهمونا بأننا من داعمي داعش الذين لا يستحقون الحياة بجانبهم".

وتعقب كاراجا في مدونتها على هذه الحوادث المؤلمة بالقول "على الرغم من بشاعة جميع هذه الحوادث والجرائم العنصرية إلا أننا لم نرى أي  استنكار من قبل منظمة  العفو الدولية أو الأمم المتحدة أو محكمة الجنايات الدولية أو أي مؤسسة أخرى وهذا يُعبر على مدى ازدواجية هذه المنظمات التي لا تستنكر من تدعمه القوة الأمريكية، هؤلاء المظومون يتمنون كل الخير القوة لتركيا التي تحاول الوقوف بكل إنسانية وأخلاقية تجاه هذه الممارسات الشنيعة التي هي بمثابة الإبادة الجماعية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!