سامي كوهين - صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس

لم يختلف القسم الذي تضمن السياسة الخارجية في برنامج الحكومة الجديدة الذي قرأه السيد داود أوغلو قبل يوم أمس في البرلمان التركي كثيرا عن السياسة الخارجية التي كانت تطبق من قبل الحكومة السابقة. وهي في الواقع متابعة للسياسة التي كانت تتبع من قبل حكومة أردوغان.

لو قمنا بتحليل هذا الجانب بشكل دقيق، لوجدنا أن أهداف ومبادئ ومعايير السياسة الخارجية لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر، مع وجود بعض التغييرات البسيطة في مواضيع محددة ذات أهمية قليلة.

ولعل من أبرز التغيرات التي طرأت على السياسة الخارجية، هي الإصرار على موضوع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وكان داود أوغلو قد أعطى إشارات حول اهتمام الحكومة الجديدة بهذه القضية خلال خطابه في مؤتمر حزب العدالة والتنمية. وظهر ذلك جليا من خلال تعيين السيد "مولود تشاويش أوغلو" وزيرا للخارجية، والسيد "فولكان بوزكير" وزيرللدولة للشؤون الأوروبية.

كادت مسألة الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي أن تخرج من أجندات أنقرة في الآونة الأخيرة. وكان رئيس الوزراء السابق قد بدأ يتحدث أو يفكر بالانضمام إلى منظمة تعاون "شنغهاي". حيث كان بعض مستشاري أردوغان يقولون له إن الاتحاد الأوروبي بات غير نافع لتركيا.

أما الآن فإننا نرى أن مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أصبحت من أولويات الحكومة الجديدة، ومن الأهداف الاستراتيجية التي يطمح داود أوغلو لتحقيقها.

ولا شك أن حكومة داود أوغلو ترغب في تتويج العام المئة للجمهورية التركية بانضمامها الكامل إلى الاتحاد الأوروبي. وهذا نهج جديد وأسلوب مختلف في السياسة التركية. وسوف نرى في الأيام القادمة ما هي الخطوات التي ستقدم عليها الحكومة الجديدة في سبيل تحقيق هذا الهدف.

النواقص كثيرة

استحوذت قضايا الشرق الأوسط على مكانة كبيرة في برنامج حكومة داود أوغلو. ففيما يتعلق بالقضية السورية والعراقية، لم يخرج البرنامج عن تكرار ما يقال ويكتب عنهما كل يوم. وركز على أن السياسة الخارجية لتركيا تهدف إلى تحقيق وحدة الأراضي العراقية، كما تهدف إلى تحقيق الأهداف المشروعة للشعب السوري وإرساء قواعد الديمقراطية فيها.

وإذا ما نظرنا إلى علاقة تركيا مع العراق و سوريا، نجد أن هذه العلاقة سيئة في الوقت الراهن. (وأود أن أنوه إلى نقطة هامة هنا. وهي أن القضية المصرية لم يتم التطرق إليها في برنامج داود أوغلو). والسبب في تدهور هذه العلاقات هو عدم نجاح السياسة الخارجية المتبعة مع هذين البلدين. والغريب في الأمر أنه لم يطرأ أي تعديل على السياسة التي كانت تطبق في التعامل مع هاتين القضيتين.

والأغرب من كل هذا، أن برنامج السياسة الخارجية لحكومة داود أوغلو تجاهلت تماما خطر تمدد الدولة الإسلامية. ولم يتم التطرق إلى قضية الرهائن الأتراك الذين اختطفهم تنظيم الدولة الإسلامية. فإن عدم الإفصاح عن خطوات الحكومة الجديدة حيال الخطر المحدق الذي يهدد تركيا والمتمثل بتنظيم داعش، دليل على وجود نقص في هذا البرنامج فيما يخص السياسة الخارجية.

الولايات المتحدة الأمريكية والصين

ورد في برنامج الحكومة الجديدة أنه سيتم العمل على استمرار تحسين علاقات تركيا مع العديد من دول العالم. مثل روسيا والبوسنة وأذربيجان وأوكرانيا ومع دول أخرى آسيوية وأفريقية.

وفي هذا الخصوص أيضا، هناك نواقص هامة تلفت النظر. فعلى سبيل المثال، لم يُذكر اسم الولايات المتحدة الأمريكية، مع العلم أن الأوضاع الراهنة تتطلب من تركيا التفكير في سبل تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.

كذلك لم يتم التطرق على العلاقات التركية الصينية. فلم تكشف الحكومة الجديدة عن نواياها حيال مشروع التعاون العسكري مع الصين.

أعتقد أن هذه النواقص التي تشوب هذا البرنامج، سيتم تلافيها خلال مناقشات البرلمان لبرنامج الحكومة في الايام القادمة.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس