برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

تسبب إسقاط الطائرة الروسية في نشوب أزمة وتوتر في العلاقات بين روسيا وتركيا، ولذلك يتوجب على البلدين سرعة الخروج من هذه الأزمة وعودة العلاقات إلى طبيعتها، لأنّ هناك مصالح مشتركة عديدة بينهما، وهذا ما سعى إليه أردوغان وداود أوغلو، لكن عدم رد روسيا على طلبات تركيا لعقد لقاءات بين الطرفين، وطلب روسيا من تركيا الاعتذار عن الحادثة، سيجعلان الأزمة تستمر لفترة زمنية أطول.

وبرغم اتهام روسيا لتركيا بأنها تدعم داعش، إلا أنّ القضية تتجاوز هذا الأمر، وبدون حل القضية السورية، سنعيش أزمات متلاحقة مثل هذه بين الدول المختلفة، ولا شك أنّ إسقاط الطائرة الروسية قد جعل الدور الروسي في المنطقة على المحك، حيث من المتوقع أنْ تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية دورا أكثر فعالية في المنطقة بعد هذه الحادثة.

وتسعى روسيا على ما يبدو إلى فرض ظروف تجبر تركيا على تغيير مواقفها في مواضيع المنطقة وتحالفاتها، وأول خطوة تسعى روسيا إلى تحقيقها، هي جعل تركيا وحيدة في سوريا، ولن تكتف بعد اليوم بقصف قوات المعارضة المعتدلة، وإنما ستقدم كل الدعم لـ "وحدات حماية الشعب" التي تزعج تركيا، وستقوم أيضا بكل الجهود الممكنة لإبعاد الأطراف المتعاونة مع تركيا على الأرض عن أنقرة.

وقد انعكست اللقاءات الثنائية بين فرنسا وروسيا بعد تفجيرات باريس، على الرؤية السياسية لفرنسا حول موضوع سوريا، وهو ما تمثل بالحديث عن "جهود مشتركة لمواجهة داعش" بين فرنسا وروسيا، لكن كيف سيكون رد تركيا على ذلك؟ ستفتح أجواءها لفرنسا من أجل أنْ تقوم بتوجيه ضربات ضد داعش، وتهدف من خلال ذلك إلى الحيلولة دون تمزق التحالف الدولي بقيادة أمريكا المشكل لمواجهة تنظيم الدولة، وكذلك قطع الطريق أمام روسيا التي تريد التوغل أكثر في سوريا.

ولا شك أنّ روسيا تسعى إلى التنسيق المتكامل مع إسرائيل، والتي تعد إحدى الدول المؤثرة في المنطقة، وتسعى إلى توفير كل عناصر الطمأنينة لإسرائيل حول نشاط حزب الله وإيران والأسد، وستقوم روسيا كذلك بمحاولة سحب البساط من تحت تركيا من خلال استخدام عناصر ضغط في الاتحاد الأوروبي متمثلة بقبرص واليونان، لكن الخطوات الإيجابية والتقدم الملحوظ في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي سيُفشل كل هذه المحاولات.

السؤال الأبرز هنا، كيف سيكون رد فعل أمريكا حول مساعي روسيا الرامية إلى عزل تركيا وجعلها وحيدة، فأمريكا من جهة تريد أنْ تشارك روسيا بصورة فاعلة في مواجهة داعش، ومن جهة أخرى لا تريد لها أنْ توسع مناطق نفوذها، وهذا تناقض يصعّب إدارة هذه المرحلة.

يتوجب على الولايات المتحدة الأمريكية أنْ تقوم بجهودها "لحصر الحملة الروسية" التي تسعى إلى "عزل تركيا"، كما يتوجب على تركيا أنْ تستخدم ورقة مكافحة داعش بصورة أفضل.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس