عاكف بيكي - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

أصبح تنظيم داعش كالعدسة متنوعة الاستخدام، يضعونها ليروا من خلالها أكبر الأشياء فلا تظهر، وهذا ما ظهر للناتو عندما أبصروا انتشار الجنود الروس في سوريا عبر عدسة داعش. الأمر ذاته مع الأسد وجرائمه اللامحدودة، فمع قطع الرؤوس الذي تقوم به داعش يتوارى الأسد كأنك لم تعد تراه. وبعد كل هذا ألا يحق لبوتين أن يستخدم هذا الاكتشاف العظيم كما يستخدمه غيره؟

بعد هجمات باريس نسي العالم بربرية الأسد، حتى أن الأخير قدم نفسه كمشارك في الحرب على الإرهاب. كما ويسعى بوتين للمساومة بعدسة داعش التي تُظهر الأسد مقبولا في السلطة بشكل أكبر، ويريد أيضا إشراك الأسد في الحرب على داعش. وبفضل شمسيتهم وعدستهم داعش أصبح كل من الأسد وبوتين يقصفان ويضربان مجموعات المعارضة المعتدلة كل على حده بدعوى الحرب على داعش.

هل لأنه تم اسقاط الطائرة الروسية من طرف تركيا؟ أم لأن بوتين يريد استخدام هذا التحرش كما استخدم عدسة داعش؟ ثم يقول "ونحن نحارب في الإرهاب يتم طعننا من الخلف"، ويزيد على ذلك: "ضربتنا تركيا التي كنا نعهدها كصديق لنا لتحمي تنظيم داعش"، ويقول أيضا: "ضربوا طائرتنا ليحموا أرباح تجارتهم النفطية مع داعش". لقد أطلق عياراته النارية هذه قبل قمة المناخ، ألم يكن بمقدوره اختيار أفضل منها؟

اعتاد بوتين على استخدام داعش كمصغّر لأفعاله، فهو يعرف نقطة ضعف الغرب ويعمل على استغلالها أشنع استغلال. ثم يماطل في موعده مع الرئيس أردوغان ويتعذر بالشروط والظروف، فهم لا يريدون اللقاء بسبق الإصرار والترصد.

ولا يعد تصور بوتين اللقاء بالمعارضة السورية في رأس السنة الميلادية كميعاد أخير لهم من باب الصدفة، فرأس السنة له معنى كبير عند السياسيين. ويصفّر بآلته الموسيقية باعتبار 1 كانون الثاني/ يناير القادم إعلان بداية وقف إطلاق النار. ستستمر الحملة الجوية بتصاعد وتيرتها لتتصاعد معها الأزمة السورية حتى يحقق مبتغاه بإخضاع المعارضة. ويستخدم حجته "ضربت تركيا طائرتنا لحماية داعش" في إضفاء المشروعية على عمليته العسكرية حتى يثبّت اقدامه بالشكل الذي يريده؛ ليكون جاهزا عندما يحين موعد الحضور الى الطاولة.

استغلال بوتين لواقع الطائرة لن يتوقف عند الأول من يناير، وهو ما دل عليه كلامه: "سيتم إنزال العقوبات وتصبح قيد التنفيذ في الأول من يناير". فشكرا لعدسة داعش وأزمة الطائرة التي زادت راحة بوتين في إخفاء حقيقة قبح أفعاله. وأنتم ما زلتم تعتقدون أنه يتصرف معربًا عن غضبة وفقدان أعصابه!

عن الكاتب

عاكف بيكي

كاتب في صحيفة حريت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس