جلال سلمي ـ خاص ترك برس

كان أول رد قامت به الدولة العثمانية تجاه إعلان عبدالعزيز، في 2 يناير 1902، تأسيس المملكة العربية السعودية الثالثة،  هو الاعتراف بسيطرة عبدالعزيز على الرياض ومن ثم نجد، وإزدهرت العلاقات العثمانية السعودية الدبلوماسية واستمرت على هذا النمط إلى عام 1913، حيث بدأت بوادر الضعف على الدولة العثمانية، وفي نفس العام اضطرت الدولة العثمانية إلى توقيع اتفاقية إسطنبول بينها وبين الإمبراطورية البريطانية تقضي بتقسيم منطقة الخليج بين الطرفين.[1]

بناء ً على هذه الاتفاقية؛ حازت الإمبراطورية البريطانية على السيطرة السياسية فوق البحرين والإمارات العربية المتحدة، بينما بقيت منطقة قطر ونجد تحت سيطرة الدولة العثمانية، بعد هذه الاتفاقية بعام، وقع بعض موظفي الدولة العثمانية رفيعي المستوى اتفاقية مع عبدالعزيز آل  سعود تنص على تخلي الدولة العثمانية عن الحكم السياسي والإداري لمنطقة نجد بشكل كامل وتترك نظام الحكم بشكل مستقل لأل سعود، وهذه الاتفاقية هي بمثابة البذرة التي زُرعت لإنبات وإظهار الدولة السعودية الحديثة المُستقلة على السطح.[2]

بعد نشوب الحرب العالمية الأولى، دخلت الدولة العثمانية الحرب إلى جانب دول المحور بقيادة ألمانيا، وطلبت الدولة العثمانية من آل سعود إمدادهم بالجنود والعسكر والدعم اللوجستي من أجل الجهاد المشترك ضد الأعداء الطامعين بمقدرات الدول المسلمة، ولكن بسبب النزاع الذي كان موجود بين العائلة السعودية والعائلة الرشيدية وبسبب الوجود الإنجليزي الملحوظ في المنطقة لم يستطع آل سعود تلبية طلب الدولة العثمانية.[3]

في ظل حالة الغموض العارمة التي كانت تسيطر على الساحة السياسية الدولية، كان جُل مايسعى إليه آل سعود هو الإبقاء على حكمهم في المنطقة، لذا قاموا، في ديسمبر 1915، بتوقيع اتفاقية مع السلطات الإنجليزية المتواجدة في المنطقة، وحسب هذه الاتفاقية، التي تم إبرامها بتاريخ 26 ديسمبر 1915، تقع قطر وأبوظبي ودبي وعمان تحت الحماية الإنجليزية وتتعهد الدولة السعودية بعدم مهاجمة هذه المناطق أو الاعتداء عليهم، فيما تقبل السلطات الإنجليزية السيادة السعودية على نجد والرياض ومحيطهما.[4]

انهارت الدولة العثمانية وتفككت إبان الحرب العالمية الأولى، فتوجه عبدالعزيز، في ظل الفراغ السلطوي السياسي،  نحو منطقة الحجاز وكما اتجه نحو منطقة عسير الحدودية مع اليمن وضمهما إلى السيادة السعودية في عام 1926، في نفس العام اتفق عبدالعزيز مع السلطات العثمانية على إعلان نفسه ملك للحجاز ونجد وفي عام 1932 أعلن تأسيس المملكة العربية السعودية وأعلن تنصيب نفسه عليه ملكا ً.[5]

وعلى صعيد متوازي، كانت هناك العديد من التغيرات والتطورات الإدارية والسياسية الجارية في الدولة العثمانية، إذ هُزمت في الحرب العالمية الأولى وتم إحتلال إسطنبول من قبل قوات التحالف وبدأت القوات اليونانية، عام 1919، بإحتلال إزمير واستمر بتوغله إلى أن وصل مشارف أنقرة، خوفا ً على ضياع بلاد الأناضول وتقسيمها بين الدول المُحتلة قامت ثلة من الضباط العثمانيين بإعلان "حرب الخلاص" وفي عام 1921 استطاع الشعب التركي بمقاومته الشديدة دحر الجنود اليونانيين إلى مابعد إزمير.[6]

بعد دحر الجنود اليونانيين وبعد تأسيس علاقات دبلوماسية بين أنقرة وموسكو فباريس، بدأ الضباط الأتراك، الذي قادوا حرب الخلاص بقيادة مصطفى كمال باشا، بالمطالبة بالاستقلال وتأسيس دولة وطنية علمانية، وبعد الضغط الدبلوماسي الروسي والفرنسي على بريطانية، قبلت الأخيرة بإجراء مفاوضات مع تركيا، في مدينة لوزان السويسرية، لتباحث إمكانية وكيفية تأسيس دولة تركيا مستقلة.[7]

نتيجة لهذه التباحثات والمفاوضات، تم التوصل بتاريخ 24 يوليو 1923 إلى اتفاقية مشتركة بين الأطراف المُفاوضة، وبناء ً على هذه الاتفاقية تم تأسيس جمهورية تركيا بتاريخ 29 أكتوبر 1923، ونتيجة لتأسيس الجمهورية التركية تم إعلان، بتاريخ 3 مارس 1924، إلغاء الخلافة والسلطانة العثمانية بشكل كامل.[8]

بتأسيس المملكة العربية السعودية عام 1932 وبتأسيس الجمهورية التركية عام 1923، يبدأ عصر جديد ومختلف للعلاقات التركية السعودية، السمة العامة لهذا العصر، هو أن العلاقات تؤسس على أساس المصالح المشتركة بين دولتين مختلفتين في المصالح والاتجاهات السياسية والاقتصادية والفكرية، على العكس من العلاقات التاريخية السابقة التي كانت قائمة على أساس سيطرة الدولة العثمانية، المُمثلة للخلافة الإسلامية، على المناطق والأقاليم الإسلامية التي تدين لها وتخضع لسيطرتها.

المراجع:

[1]أحمد حلبي، العلاقات السعودية التركية ـ مابين الماضي والحاضر، خلق للدراسات، تاريخ الوصول 24 نوفمبر 2015.

[2]أيهان فيصل، العلاقات التركية السعودية من الماضي إلى المستقبل، الصفحة الرسمية لموقع مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، تاريخ النشر 10 نوفمبر 2015، تاريخ الوصول 15 نوفمبر 2015.

[3]موقع زمزم السعودي، العلاقات السعودية التركية.. بدأت قبل 78 عاما ً والملك فيصل سجل أول زيارة، تاريخ النشر 12 نوفمبر 2015، تاريخ الوصول 22 نوفمبر 2015.

[4]المنصوري حميد، العلاقات التركية مع دول الخليج، موقع الاتحاد الإخباري، تاريخ الوصول 22 نوفمبر 2015.

[5]المصدر نفسه.

[6]دبلومات أطلس، العلاقات التركية السعودية، تاريخ الوصول 24 نوفمبر 2015.

[7] المصدر نفسه

[8]موقع زمزم السعودي، المصدر نفسه.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس