محمد بارلاص - جريدة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

هنأ رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان رئيس حزب الشعب الجمهوري كليتج دار أوغلو بفوزه مجددا برئاسة حزبه. لكن كيف سينظر كلتشدار أوغلو إلى رسالة التهنئة هذه؟ وكيف سيكون سبيله السياسي القادم؟ هذا ما لا نعرفه حتى الآن.

قد تشكل هذه الرسالة مصدر إزعاج لكلتشدار أوغلو الذي لم يستطيع الفوز في أي انتخابات، ليفوز الآن بانتخابات مؤتمر حزبه العام، لذا قد يقول كلتشدار أوغلو: "هل أراد أردوغان بتهنئتي أن يسخر مني؟".

أما الاحتمال الآخر فقد يقتنع كلتشدار أوغلو بأن هذه الرسالة تفرض عليه الانتقال إلى الحقائق السياسية وتطبيق قواعد الأدب واللباقة التي لم يعرها أي اهتمام في السابق. بجملة أخرى، إذا كان أردوغان بالنسبة له لا شيء، فإن الجمهورية التركية بشعبها اختارت أردوغان، وكذلك كل العالم قبل أردوغان كرئيس للجمهورية، لذا فإن مقاطعة كلتشدار أوغلو لهذه الحقيقة ليس لها أي معنى.

العقل والتوافق

ألا تعتبر رؤية الحقائق، والتصرف بما يتوافق معها، دلالة على سلامة العقل؟ لكن بالنسبة للبعض فإن قبول هذه الحقائق والتصرف بما يتوافق معها يشكل لهم مصدر إزعاج.

حتى نغيّر بعض الحقائق التي لا تعجبنا، علينا أولا القبول بوجودها. لكن عندما تدفن النعامة رأسها في الرمال لن تستطيع مشاهدة الحقائق التي تؤمن بها، وهذا التصرف يدل على عدم الاكتراث بالناس، وقد يدل على سلوك إنسان مريض.

نحن الكتّاب عندما نريد أن ننصح السياسيين الذين يحملون على عاتقهم مسؤوليات عظيمة، ننصحهم ونحن لا نحمل أي مسؤولية على ظهورنا. لهذا فإذا نصحنا كلتشدار أوغلو بقولنا: "كما هنأك أردوغان، عليك أنت أيضا قبول نجاحه"، قد لا يكون ذلك مناسبا. ولكن إذا ما استمر كلتشدار أوغلو بنفس التصرفات السابقة، سأكون منتظراً بشغف ما الذي سيحصل عليه في المستقبل!

آليات تشاور

عندما استمعت إلى خطاب كلتشدار أوغلو في المؤتمر الأخير، وعند متابعة ردة فعل أعضاء الحزب على محتوى ذلك الخطاب، أدركت تماما أن كلتشدار أوغلو يحتاج إلى آليات تشاور لتشكيل رؤيته السياسية وسلوكه السياسي. هذه الآليات لو دخلت حيّز التنفيذ لاستطاع تجنب الانتقادات الواسعة لاستخدامه مفهوم "طاولات الراكي (مشروب كحولي)" ولأوجد لذلك مخرجاً بإسناد هذه الجملة لأتاتورك. ولو كان هناك تشاور، لما وقع بخطأ فادح بذكره "دنيز بايكال" عندما أراد ذكر زيارته لقبر "دنيز غيزمش".

ليكن ذلك درسا

باختصار، فإن تفكير كلتشدار أوغلو بـ"أنني أنا من أٌقرر طريقة تصرفي وسلوكي تجاه رسالة تهنئة أردوغان" سيوقعه مجددا في سلسلة من الأخطاء. ودعونا نتذكر أن خطأ اختيار أكمل الدين إحسان أوغلو ليكون مرشحا لحزب الشعب الجمهوري نتج عنه فوز أردوغان برئاسة الجمهورية من الجولة الأولى.

أتمنى أن يكون ذلك "درسا لكلتشدار أوغلو" وأن يبدأ بعمل سياسي مشروع، بدلا من الاعتماد على فوضى الـ"غيزي بارك" وبدلا من الاعتماد على التنظيم الموازي وجماعة غولن.

أتمنى أن يصبح حزب الشعب الجمهوري منافسا حقيقيا للحزب الحاكم.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!