ترك برس

قال الباحث والمحلل السياسي الموريتاني، أستاذ الأخلاق السياسية بمركز التشريع الإسلامي والأخلاق في قطر "محمد بن المختار الشنقيطي": "الغربيون غدروا بتركيا وتركوها منكشفة أمام الحرب الطاحنة على حدودها الجنوبية في سوريا، وأمام الهمجية الإيرانية والروسية هناك، بدلا من التعاطي الإيجابي مع هذه الدولة المسلمة القوية التي اتخذها الغرب سدًا منيعا بينه وبين الزحف الشيوعي الأحمر خلال أكثر من نصف قرن".

وأضاف الباحث الموريتاني البارز، في مقال له نُشر عبر الجزيرة نت، بعنوان "هجمات باريس ووحدة المصائر في حوض المتوسط"، أنه "بُحَّت تركيا من نداء الأوروبيين والأميركيين إلى التعاون لوقف المذبحة المفتوحة في سوريا، ولو بعمل رمزي بسيط، مثل إعلان منطقة آمنة بطول تسعين كيلومترًا وعمق خمسين كيلومترًا، وتزويد الثوار ببضعة صواريخ مضادة للطيران تكون رادعًا لسفَّاح دمشق وبراميله المتفجرة التي تحصد أرواح العشرات من الأبرياء كل يوم".

وأشار الشنقيطي إلى "أن التهرب من قدر الجغرافيا والتاريخ الذي ربط مصائر أوروبا بمصائر تركيا والعالم العربي لن يفيد الأوروبيين شيئا بعد اليوم"،  وأن "الأوروبيون نسوا أن لشعوب المنطقة معهم تاريخًا طويلا من الاستعمار السياسي والعسكري لن تندمل جروحه بسهولة، ولن ينمحي من الذاكرة بين عشية وضحاها، يقول علماء النفس إن الضحية أقوى ذاكرة من الجلاد؛ والسبب أن الضحية تسعى إلى رفع الظلم ورد الاعتبار الإنساني لنفسها، أما الجلاد فيسعى إلى غسل ضميره الميت من ماضيه المُعْتِم لكي يسوِّغ لنفسه الاستمرار في الإجرام والإصرار على الظلم".

ولفت الشنقيطي، أن "صديقك من صدَقك، لا من صدَّقك" كما يقول المثل العربي، والشعوب العربية تنادي الأوروبيين بلسان الحال والمقال: "أوقِفوا ذبح الأبرياء على ضفتي المتوسط، سواء كانوا في حلب والرقة أو في باريس وبروكسل"، مضيفًا "أمّا حكام القمع في الدول العربية فليسوا صديق صدقٍ، ولذلك فهم يتباكون مع الأوروبيين على قتلاهم، وهم فرحون بقتلهم في أعماق قلوبهم - لأنهم بالإرهاب يحكمون وعلى الإرهاب يتغذَّون - ثم يأخذون أجرة دموع النائحة المستأجَرة: تواطؤا غربيا معهم في ظلم شعوبهم، وقتلا للأحرار الأبرار من مواطنيهم، بسلاح غربي، ودعم أمني غربي، ومظلة سياسية غربية".

وأردف قائلًا: "لقد آن الأوان ليفكر الأوروبيون في عالم المتوسط الواحد، فمصير أوروبا وقدَرها أصبحا مرتبطين أكثر من أي وقت مضى بمصائر الشعوب العربية على الضفة الجنوبية والشرقية، كما أصبحا مرتبطين بمصائر الشعب التركي على الضفة الشمالية الشرقية منه، فهل ستفهم النخب الأوروبية أن الربيع العربي ظاهرة متوسطية قبل فوات الأوان؟ أم ستظل محكومة بالأنانية السياسية، والعقلية الاستعمارية، حتى تتحول عواصم الأنوار الأوروبية الأخرى إلى عواصم للشموع والدموع؟".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!