كمال أوزتورك – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

لو ذهبنا إلى المكتبة وقرأنا كل الكتب التي تتحدث عن تاريخ الأكراد لوجدناها تحدثت عن ترحالهم ثم عصيانهم وثورتهم على من ظلمهم، والحزين هنا أنها لم توضح بين أسطرها الفترة ما قبل الثورة عندما كان يتم استغلالهم واستخدامهم من قبل الدول الأخرى لتنفيذ أجنداتها الخاصة، والخزين أيضا هو عودة الأكراد إلى حلقتهم المفرغة من جديد حتى بعد معرفتهم وعلمهم عن استخدامهم من قبل الأمم الأخرى في تاريخهم الطويل. فكيف يسقطون في نفس الفخ من جديد؟

عاش الأكراد حياتهم بدينهم ولغتهم في بحبوحة وحرية تامة أيام الحكم العثماني، لكن وفي فترة ضعف هذا الحكم وبتحريض من روسيا التي كانت تسعى لاجتزاء القوقاز والبلقان والأرمن من الإمبراطورية العثمانية، قام الأكراد بثورتهم الأولى عام 1806 بقيادة عبد الرحمن باشا، واستمرت الأوضاع المضربة حتى عام 1912 حيث حصل خلال هذه الفترة 12 ثورة. بعدما قامت روسيا بإعطاء وعد الحرية للبلقان والقوقاز قدمت وعودها للأكراد من أجل الضغط على الإمبراطورية العثمانية لتستطيع من بعدها جني قدر ما تستطيع من ثمار هذه الإمبراطورية المتهالكة.

سعت إنجلترا في استخدام الاكراد كورقة ضغط تمارسها على الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى فوعدتهم بدولة خاصة بهم. رد الحكم العثماني على معاهدة سيفر وأعلن مناطق الاكراد مناطق مستقلة، وقدم لهم كل الدعم اللوجستي للاستقلال، لكن إنجلترا رفضت ذلك فقامت بقصف السليمانية لمنع هذا الاستقلال المُعلن. بعد إعلان استقلال تركيا عانى الأكراد من القمع لمدة 20 سنة حصل خلالها 20 ثورة. بعدما انكشف الغبار عن ساحة المعركة علم الاكراد بان وعود إنجلترا كانت كاذبة عندما قامت بقصف عائلة برزاني الكردية التي كانت مسؤولة عن ابار النفط لحماية مصالحها النفطية في كركوك والموصل، كما ارادت حماية انتدابها على العراق.

لقد كانت دولة مهاباد هي اخر دولة للأكراد بُنيت في مناطق الاكراد بالأراضي الإيرانية عام 1946 واستمرت لـ11 شهر، وكان الهدف من إنشائها هو خطة إنجلترا وروسيا في استخدامها ككرت ضغط وتشتيت لإيران ليستطيعوا احتلالها، لكن إبرام إيران اتفاقها مع روسيا وإيران دفع كلا الدولتين للتخلي عن هذه الدولة الوليدة، فاستفردت إيران بها ودخلتها لإخضاعها فعملت فيهم المجازر والمذابح وقتّلت فيهم شر تقتيل حتى أخضعتها.

وقع الأكراد في الخدعة من جديد عندما هُيئ لهم بأن أوضاع وأحوال التوتر في ستينات القرن الماضي ستأتي لهم بالرياح المواتية ليبدؤوا رحلة تحررهم من جديد، فقامت أمريكا ودعما لحكم الشاه في إيران بالاتفاق مع الأكراد، وكان الاتفاق مع برزاني الذي كان قد خُدع من قبل من طرف روسيا التي باتت تمسك بيد نظام البعث العراقي. لقد كان الدعم الأمريكي للأكراد بهدف تشكيل قوة ضغط على البعث في يد حكم الشاه الموالي لأمريكا، واستمرت هذه الورقة في دورها، وتم تشكيل قوة قوامها 100 ألف مقاتل كردي كانت حلم الأكراد لتكون بداية الشعلة الجديدة لدولتهم، لكن وبعد أن انتهى الشاه من استخدام ورقته الكردية تركها في مهب الريح تتلاعب بها نسماته. عندها جمع نظام البعث شتاته وضربهم ضربة قاضية فتّت ذلك الجيش الصغير وسلبته الأسلحة التي تم تزويدها من أمريكا عبر إيران.

بعد تفتت قوات برزاني في سبعينات القرن الماضي ظهرت الحركة الكردية في العراق وكان قائدها طالباني وفي تركيا وكان قائدها عبد الله أوجلان، ومنذ ذلك اليوم وهذه الحركة يتم استخدامها من دول كثيرة مثل ألمانيا وفرنسا وإسرائيل وإيران وروسيا أمريكيا وسوريا والصين... ولأهدافهم الخاصة. فهل يعي الأكراد درسهم الذهبي الممتد من 1806 وحتى يومنا الحالي، والمليء بعشرات الثورات وآلاف القتلى والأسرى؟ أم أنهم يتوقعون شيئا جديدا من وعد روسيا وأمريكا الجديد؟

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس