محمد بارلاص - جريدة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

نعيش حالة من التراجيديا المضحكة في وسط المجتمع الدولي، وهذا ما أشار إليه "روجر كوهين" الكاتب في صحيفة نيويورك تايمز، والذي قال إنّ لهذا السيناريو أحداثا سابقة مشابهة له، وهو ما حصل عندما أذعن الأوروبيون لهتلر.

الناظر إلى المشهد اليوم، يرى أنّ أمريكا التي ترى نفسها القوة العظمى الوحيدة في العالم، أصبحت مثل القطة الطريحة أمام روسيا، ألا يستطيع بوتين تغيير الخرائط متى ما شاء؟ روسيا قامت باحتلال القرم واقتطاعها من أوكرانيا، وعلى ما يبدو فإنّ روسيا لن تتوقف عند هذا الحد.

الحديقة الخلفية

اليوم أصبح الشرق الأوسط، وخصوصا سوريا، بمثابة الحديقة الخلفية لروسيا، حيث تبدو أمريكا خجولة مما فعلته في العراق بعد احتلالها له وتركه للنزاع الشيعي السني، وتسببها بخروج تنظيمات متشددة مثل داعش، ولذلك تركت الأراضي السورية تحت تصرف روسيا، أليس كذلك؟

يكتفون بالمشاهدة

أصبحت قضية مقتل المدنيين في سوريا بسبب القصف الروسي ونظام الأسد، كأنها مسألة تخص تركيا فقط، وأمريكا أعطت الضوء الأخضر لبشار الأسد "ليقتل المواطنين بالأسلحة العادية، بدون استخدام الأسلحة الكيميائية"، وبذلك تسببت في ارتكاب النظام لمزيد من المجازر الدموية، واليوم تكتفي أمريكا بمشاهدة ما تقوم به روسيا من إجرام بحق المدنيين العزل. أما الأوروبيون، فيكتفون بالقول "لا يهمنا ما يحصل، الأهم أنْ لا يأتي اللاجئون إلينا"، ويمارسوا السياسة بلا رؤية واضحة وبلا هدف، وبصورة متناقضة.

وضعوا التحالف فوق الرف

وفي نفس الوقت، وضعوا مفاهيم "التحالف"، و"التعاون" فوق الرف، وكأنّ تركيا ليست حليفة لأمريكا، حيث أصبحت الأخيرة لا تهتم ولا تكترث إطلاقا بما يفعله حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي من أعمال إرهابية، فمن أين لهذين الحزبين وما هي الأسلحة التي يستخدمونها في إرهابهم داخل أراضي دولة تعدها أمريكا حليفا استراتيجيا لها؟

هل هذا ما سيحصل في نهاية المطاف؟

باختصار، كل التحذيرات التي يوجهها اردوغان إلى أمريكا، هي تحذيرات صائبة جدا وحقيقية، واذا لم تستيقظ أمريكا من غفلتها، قد تصبح الدولة العظمى في العالم كوريا الشمالية وليست أمريكا، وربما تتحد روسيا وإيران وتجلب ترامب لسدة الحكم في واشنطن، وسيطلب حينها أوباما اللجوء إلى سوريا الأسد.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس