روشن تشاكير - صحيفة وطن - ترجمة وتحرير ترك برس

لن تتخذ تركيا دورا في الحرب التي تريد ستشنها الولايات المتحدة الأمريكية على داعش، وذلك لأسباب عدة منها: وجود 49 مواطن تركي رهائن بيد داعش، ولتجنب خطر انتقال الإرهاب إلى تركيا، ولأن هذه الحرب ستساهم ببقاء نظام بشار الأسد واقفا على قدميه، وبالتالي فقدان مكانة تركيا القيادية في المنطقة، وخوف أنقرة من تحوّل حزب العمال الكردستاني إلى قوة إقليمية، وكذلك يعتبر ضعف الخطة التي قدمها أوباما من أبرز الأسباب التي جعلت تركيا رفض المشاركة في هذه الفوضى.

بكل وضوح، أرى أن هذه السياسة التي اتبعتها الحكومة صحيحة بخطوطها العامة، فالمخططات الأمريكية التي عاثت فسادا في العالم الإسلامي بدءا بأفغانستان والعراق وغيرها من المناطق، تلاها تناقض شديد في التعامل مع المسألة السورية وهذا يدل على ضعف إستراتيجية أوباما وأمريكا وفشلها ونقصها.

لكن عدم تواجد أنقرة في المعمعة القادمة لا يعنى أنها تدعم سياسة داعش. وفي نفس الوقت، لو نظرنا إلى أصل المسألة، سنجد أن تركيا لم تتعامل مع مسألة داعش بصورة حاسمة وملموسة أيضا، والسبب في ذلك أن هذا التنظيم وهذه الفوضى ستؤدي إلى تغيير معادلات القوى في المنطقة وستقلل من شأن تركيا في الشرق الأوسط.

عملية السلام وعلاقتها بداعش

العملية ضد داعش مرتبطة بالنسبة لأنقرة ببعض المسائل الأخرى التي تعتبر قضايا هامة وحساسة. وأول ما يبدر على الذهن هنا هو عملية السلام مع الأكراد التي أصبحت جزءا من الأجندة التركية. فالنظام الحاكم يخشى من تصدّر حزب العمال الكردستاني لمشهد القتال ضد داعش، ويخشى من تقديم عبد الله أوجلان تعليمات إلى مقاتلين إرهابيين من أجل الدخول في هذه الحرب، وهذا يعني تكوين صورة جديدة لدى الغرب عن حزب العمال الكردستاني وربما دعمه بالسلاح.

برغم كل هذا تريد الحكومة تسريع عملية السلام، وجعلها أولوية مطلقة في هذه المرحلة. لكن في المقابل يريد حزب العمال الكردستاني من خلال تصدره للمشهد، حماية المكتسبات التي حصل عليها الأكراد في كل من سوريا والعراق من خطر داعش.

وهكذا يخرج أمامنا وضع غريب، فالقوتان اللتان تقاتلا لسنوات عديدة، وهما الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني، ستجلسان بجانب بعضهما البعض على نفس الطاولة من أجل تحقيق عملية السلام في تركيا، لكن الدولة التركية لن تدعمهم داخل سوريا والعراق. وإذا لم تتحرّك تركيا في عملية السلام بشكل متوازي مع الأحداث في سوريا والعراق، فإن ذلك يعني خطر حقيقي على كل المكتسبات التي تحققت حتى الآن من عملية السلام.

خيبة أمل لأكراد العراق

عدم اتخاذ تركيا سياسة واضحة تجاه داعش، وإتباع سياسة متحفظة لن يجعل عملية السلام في خطر فحسب، وإنما ستتأثر علاقة تركيا بإقليم كردستان العراق، وهذا ما صرّح به المساعد الأبرز لمسعود برزاني وهو فؤاد حسين عندما قال أن سياسة أنقرة المشتركة مع العراق شكلت بالنسبة لنا خيبة أمل حقيقية.

يقول فؤاد حسين: "جاءت أمريكا وفرنسا وأوروبا لحمايتنا، بينما جارنا الأقرب وبرغم أننا طلبنا منه المساعدة إلا أنه لم يقدمها"، وأضاف: "لم يقولوا أنهم لن يساعدونا، وبعد انتخابات الجمهورية قالوا سيقدمون لنا المساعدة، كنا في وضع صعب للغاية لكن لم يكن أمامنا خيار سوى انتظار انتخابات رئاسة الجمهورية التي حصلت وانتهت والآن لم يقدموا لنا المساعدة، تركيا لم تقدّم لنا ما كنا نتمناه".

وأضاف حسين في تصريحه: "كما كل كردي، فإن برزاني يشعر بخيبة أمل تجاه تصرف تركيا، وعلينا أن نتصرف بوضوح مع تركيا، فكيف ستستمر العلاقات بهذه الطريقة؟ من مصلحة تركيا أن تكون ضد داعش، لأن داعش ليس صديقة لأي دولة".

نحن بحاجة لخطة طوارئ

لو أردنا العودة إلى بداية ما كتبناه، فعدم مشاركة تركيا ضد داعش تصرّف صحيح، لكنه غير كاف. ومن الواجب على تركيا أن تتخذ قرارات مستقلة لها ضد داعش. وقد يكون أهم قرار تتخذه تركيا ضمن هذا الإطار، هو التضامن والتعاون مع الأكراد ضد داعش الذين يعتبرون الأكراد أعداء لهم. وعلى الحكومة كمرحلة أولوية مساعدة كل اللاجئين اليزيديين الذين هربوا من إجرام هذا التنظيم الإرهابي إلى تركيا.

عن الكاتب

روشن تشاكير

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس