جلال سلمي - خاص ترك برس

على العكس من التفجيرات السابقة، وجهت الحكومة التركية، عقب انفجار أنقرة الأخير، أصابع الاتهام علانيةً إلى بعض الدول الغربية والجهات الدولية، مبينةً أنه كان من الأولى على هذه الدول وقف دعمها العلني للإرهاب، بدلًا من تقديمها للتعازي "غير الصادقة".

وأشار البعض إلى أن استخدام الغرب للمنظمات الإرهابية لتحقيق أهدافه في دولة ما، ليس بالأسلوب الحديث، بل هو أسلوب مألوف للمؤرخين، ووسيلة قديمة مستحدثة حسب الحاجة بالنسبة للغرب.

وألمح الباحث السياسي والمؤرخ "أورهان أفيونجو" إلى أن الشعب التركي تعرف على الأعمال الإرهابية التفجيرية قبل 111 عامًا، حيث تم التخطيط لاغتيال السلطان العثماني "عبد الحميد الثاني" بواسطة قنبلة انفلاقية، ولكن شاء القدر أن تبوء هذه المحاولة بالفشل، وفي حينها أبدى الغرب موقفه التقليدي؛ حيث أدان الانفجار وبشدة، ولكن بعد فترة وجيزة أبرزت التحقيقات يد الدول الغربية الضالعة بفداحة في التخطيط للعملية ودعم بعض العناصر الإرهابية لتنفيذها.

جاء ذلك في مقال له منشور في صحيفة "صباح" التركية، بتاريخ 22 شباط/ فبراير 2016، حيث أعرب عن عدم استغرابه من تكرار المشهد بعد 111 عامًا، مع اختلاف بسيط للمنفذين، مؤكدًا أن الغرب لم يهتم يومًا بمصالح الدول الإسلامية، بل كان جل تخطيطه العميق متمحور حول آليات تدمير تقدم الدول الإسلامية وآليات تشطيرها.

وأوضح أفيونجو أن الغرب لم يعلن، حتى الآن، عن أن حزب الاتحاد الديمقراطي هو حزب إرهابي، ولم يكتفِ بذلك بل قدم له الدعم، وبعد وقوع انفجار أنقرة الذي أشارت كافة التحقيقات الخاصة به إلى مسؤولية حزب الاتحاد الديمقراطي عنه، كان الغرب أول المُبادرين لإدانة هذا الانفجار، مشيرًا إلى أن هذا ليس تناقضا عفويا في الموقف الغربي، بل هو تناقض مدروس وبدقة، يكشف النقاب عن عدم تمكن الغرب من الاستغناء عن الإرهاب، كوسيلة لإخضاع غريمه، والعمل على إلهائه داخليًا بعيدًا عن المناطق التي يسعى للاستيلاء عليها أو تقسيمها.

ومن جانبه، بيّن الخبير في شؤون الشرق الأوسط "ماركار أسايان" أن الغرب لن يكل من استخدام الإرهاب كوسيلة لإرضاخ الآخر، وذلك لاقتناعه التام ببراعتها الهائلة في تحقيق ذلك، منوّهًا إلى أن الغرب مد بعض الجماعات الأرمنية الإرهابية التي انتفضت ضد الدولة العثمانية مطالبةً باستقلالها التام عن الدولة العثمانية، ووفر لها مقرا في إحدى الدول الأوروبية، لتصبح قريبة من الغرب وتعد خططها بشكل متناسق مع مصالحه، ولكن عندما رفض سلطان ذلك الزمان "عبد الحميد الثاني" ذلك المطلب قطعيًا، أوعز الغرب للجماعات الأرمنية بضرورة تنفيذ عملية اغتيال "عبد الحميد الثاني"، لإزالة ذلك الجبل الأشم الذي عرقل الكثير من خطط الغرب المفتتة لربوع الدول العثمانية، وفي الواحد والعشرين من تموز/ يوليو 1905، أقدمت هذه الجماعات على نصب قنبلة موقوتة لاغتيال السلطان عبد الحميد أثناء إلقائه أحد خطاباته في إسطنبول، ولكن لم يُكتب لهذه الخطة أن تتم.

وأوضح أسايان، في مقاله "قبل 100 عام وبعد 100 عام"، الذي نُشر في صحيفة "يني شفق"، 22 فبراير 2016، أن غرق السلطان عبد الحميد الثاني وشيخ الإسلام "جمال الدين أفندي" في الحديث، قبل خروج السلطان في الموعد الذي كان مقررا، حال دون نجاح عملية الاغتيال، وبينما السلطان وشيخ الإسلام يتحدثان في مسجد السلطان أحمد بعيدًا بعض الشيء عن مكان القنبلة، انفجرت القنبلة محدثةً دويًا لم يألفه أهل إسطنبول، إطلاقًا، من قبل، مضيفًا على الرغم من نجاة السلطان "عبد الحميد الثاني" من عملية الاغتيال إلا أن الانفجار الضخم أوقع 26 قتيلًا و58 جريحًا، كما ألحق ضررًا كبيرًا بموكب السلطان.

وأفاد الخبير السياسي أن التحقيقات بيّنت أن مُعد القنبلة هو البلجيكي "تشارلاس إدوارد جوريس"، وقد قام بتجهيز القنبلة بناءً على أوامر تلقاها من قبل بعض الحكومات الغربية، ما أثبت ضلوع الغرب في محاولة التخلص من السلطان "عبد الحميد"، لمعارضته الكثير من خططهم الخاصة بمناطق الدولة العثمانية، مبينًا أن الانفجار الأخير الذي حدث في أنقرة، يدفع الإنسان إلى ترديد عبارة "ما أشبه اليوم بالأمس"!

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!