صلاح الدين تشاكرغيل – صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

لا يزال البعض لا يريد استيعاب أن اعتداءات الإمبريالية الهمجية الجارية في الشرق الأوسط الذي يعد بمثابة قلب المناطق الإسلامية، كانت نادرة جدًا في المنطقة سابقًا. بالإضافة إلى أن الأشخاص العارفين بهويات المسلمين حتى الأمس القريب يبحثون عن موانئ جديدة يمكنهم اللجوء إليها بخطابات مثل التركي والكردي والفارسي والعربي.

وبهذا الخصوص فإن البلدين اللذين يشكلان مفتاح المنطقة، أي تركيا وإيران... يحاولان كطرفين عسكريين إبداء الحذر لكي لا تحصل مواجهة بينهما، ولكن عدم تغاضي هذه الأطراف عن حالة انتزاع المبادرة ضد الطرف الآخر ستجعل الوضع أكثر تعقيدًا.

ولكن فيما يتعلق بهذه النقطة، تعتقد إيران أنها أصبحت بوضع أكثر تفوقًا، لأنها من خلال استغلالها الأزمة السورية لم تعد تشعر بالحاجة إلى إخفاء تأثير تحريضها وتشجيع نفسها من أجل الاستقرار في المنطقة، والدخول يدًا بيد مع روسيا بالمعنى الحرفي للكلمة.

وعلى الرغم من تحسن الوضع فيما يتعلق بالإمبريالية الأمريكية إلى حد ما، فإن الاستفادة من هذه الفرصة وبخاصة فيما يتعلق بسوريا والعراق واليمن من خلال ازدياد تأثيرها يعد وهمًا.

وفي الوقت الذي تقصف فيه عشرات الدول بقيادة أمريكا على امتداد سنة ونصف على الأقل بالقذائف الثقيلة بحجة القضاء على خطر داعش وهي النقطة التي يريدونها في سوريا والعراق - من خلال الدور الذي نالوه بشكل خاص عندما أصبحت داعش بعبع، فضلًا عن كونها كذلك – فإن روسيا أيضًا التي كانت تراقب من بعيد على امتداد أربع سنوات، قررت في النهاية التدخل بالأزمة السورية على نحو غير متوقع، ومتحمسة لإثبات قوتها.

وفي هذه الضجة في حال كان حزب العمال الكردستاني وامتداداته من المنظمات المسلحة ، التي تسعى بوضوح لاستغلال الفرصة وإدعائها إقامة دولة باسم الأكراد، يعرفون أنهم بيادق في شطرنج الشرق الأوسط، فإن الفيل والقلعة والوزراء في لوحة الشطرنج، سوف يتمكنون من تحقيق رؤياهم، ويصبح الجميع داخل اتفاق ضمني باستثناء تركيا.

وبهذا الخصوص ومن خلال ما قاله قائد القوة البرية التابعة للحرس الثوري الإيراني محمد باكبور بصراحة الإسبوع الماضي "في الماضي واجهنا وسحقنا حزب العمال الكردستاني ومضينا، أما اليوم فهم تحت سيطرتنا وسنضرب مجدداً إن تخطوا حدودنا" كشف بشكل غير مباشر عن موضوع مثير للاهتمام جدًا.

ألم يطالب ديميرطاش زعيم حزب الشعوب الديمقراطي من تركيا القيام بالتعاون مع حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي.  

ومع الوقت... ألم يعرض قادة حزب العمال الكردستاني في الجبل أنفسهم في السوق الدبلوماسي من خلال قولهم أنهم "مستعدون للدخول في تعاون مع الجميع إن تطلبت مصلحتنا ذلك، مع أمريكا، وروسيا، وإيران، وإسرائيل وغيرهم" ويأملون "مثلما قامت بقية الدول في المنطقة على ركام جميع العناصر العرقية، يمكننا نحن أيضاً انتهاز الفرصة لبناء دولة باسم الأكراد" غير أن هذه الدول التي أقيمت في القرن الأخير لم يكن أياً منها باسم الشعوب الإسلامية، بل أظهرتها ضرورة الخطط الإمبريالية.

وفي هذا النقطة أيضًا، لطالما اهتمت تركيا أكثر بحماية وحدتها، وأقامت علاقات متوترة مع جميع بؤر القوة التي وضعت خططًا للمنطقة، ولكن لا يوجد حل أخر من دون مقاومة.

ومن خلال الخطابات والتصريحات التي صدرت بعد لقاء هاتفي جرى الأسبوع الماضي بين الرئيس أردوغان وأوباما استغرق 80 دقيقة وتصريح وزير الخارجية الأمريكية جون كيري "نتابع بحساسية هواجس تركيا" وفي خطابه الرسمي "نقف جنبًا إلى جنب مع كل من يحارب داعش" فإن الأهم وجود اتفاق ضمني يتفهم وجود روسيا في سوريا والمنطقة بشكل عام، وحاجة تركيا التي تحاول مقاومة الدسائس إلى داعم في مأزقها.

وبهدف تغيير التوازن الإميريالي التي أنشأ في لوزان قبل 93 سنة، فإن هذا الوضع الخاص تطلب التحقق من سبب وجود تركيا في الناتو والتنبيه إلى بعض الصعوبات التي توجهها.

هل ستكون نهاية آلام الولادة الجديدة هذه في قلب المناطق الإسلامية إجهاضًا أم ولادة مبكرة أو ستكون مسخًا جديدًا، هذا ما سيظهره الزمن.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس