
ترك برس
رأى الكاتب والمحلل التركي، إسماعيل ياشا، أن الاتفاق التركي الأوروبي بخصوص أزمة اللاجئين، "لا يعجب روسيا التي تحاول محاصرة تركيا لمعاقبتها بعد إسقاط الجيش التركي مقاتلة روسية، ولكن الأوروبيين يعرفون جيدا أن مفتاح الأزمة التي تهدد حاضرهم ومستقبلهم بيد أنقرة، وبالتالي ينظر عقلاؤهم بإيجابية للمقترحات التي قدمتها الحكومة التركية لحل المشكلة.
وجاء ذلك في مقال له نشرته صحيفة العرب القطرية، بعنوان "تركيا سيدة اللعبة"، في معرضه تعليقه على وصف المحلل السياسي الروسي يفجيني شيستكوف، لتركيا بأنها سيدة اللعبة، من خلال مقال نشرته صحيفة "روسيسكايا غازيتا" الروسية الحكومية.
وقال ياشا، "نعم، تركيا سيدة اللعبة، إن صح وصف المفاوضات بـ «اللعبة»، لأن الدول الأوروبية تدرك جيدا أن تدفق اللاجئين إلى أوروبا يهدد مستقبل الاتحاد ونظام شنجن، كما تدرك تماما أن اليونان وحدها غير قادرة على منع وصول أمواج جديدة من المهاجرين غير الشرعيين إلى الأراضي الأوروبية".
وأوضح أن "موسكو منزعجة من هذا الواقع، وتحاول إثارة الدول الأوروبية ضد تركيا، زاعمة أن تلبية كل مطالب أردوغان سوف تشجعه على «الاستمرار في الابتزاز» ويصب الزيت على نيران سوريا. كما أن بعض الأوروبيين يتذمرون من التنسيق مع تركيا وقبول شروطها، بحجة أن الاتفاق المذكور ينتهك حقوق الإنسان، إلا أنهم في حقيقة الأمر مستاؤون من تعزيز هذا الاتفاق مكانة «السلطان أردوغان» ودوره. ولكن لا يبدو هناك مخرج آخر غير التعاون مع الحكومة التركية وتقديم «تنازلات» إلى أردوغان -حسب تعبيرهم- في ظل عودة السياج الحدودي إلى أوروبا وإغلاق المعابر وبوادر انهيار الاتحاد".
وتسائل ياشا قائلًا: "ما الذي كانت تنتظر موسكو وحلفاؤها من أنقرة بعد نشوب الأزمة بين روسيا وتركيا بسبب إسقاط المقاتلة الروسية؟ هل كانت تعتقد أن أردوغان سيرفع راية الاستسلام لبوتن وأن أنقرة ستقدم إلى موسكو اعتذارا رسميا لتطلب منها العفو والمغفرة؟ وما الذي يريد الأوروبيون المتذمرون؟ هل يريدون أن تكون تركيا حامية حمى أوروبا دون أن يدفعوا هم أي ثمن؟".
وأشار إلى أن "تركيا، كما كان متوقعا منها، تستخدم الأوراق التي تملكها لحماية أمنها ومصالحها الوطنية وتتحرك في جميع الاتجاهات لتفادي آثار الأزمة التي تشهدها العلاقات التركية-الروسية، وإفشال الخطط التي تهدف إلى محاصرتها، وتغيير قواعد اللعبة لصالحها. ومن هذه التحركات دفع المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي نحو الأمام وتعزيز علاقاتها مع دول تعاني من الغطرسة الروسية مثل أوكرانيا وليتوانيا وجورجيا. وجاءت زيارة الرئيس الأوكراني الأخيرة للعاصمة التركية في هذا الإطار".
وبيّن أن "أنقرة تفاوض الدول الأوروبية لإزالة العقبات التي توضع أمام تركيا بهدف عرقلة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وللحصول على مساعدات مالية تسهم في تحسين ظروف اللاجئين السوريين، لأن المبلغ الذي تعهد الاتحاد الأوروبي بدفعه إلى تركيا بموجب الاتفاق سوف يتم صرفه حتى القرش الأخير لخدمة اللاجئين، ولا حاجة لتركيا إلى هذا المبلغ، لأنها تصرف عليهم أكثر منه بكثير".
وختم ياشا مقاله بالقول إن "المباحثات الجارية بين تركيا والاتحاد الأوروبي تهدف أيضا إلى دفع الدول الأوروبية باتجاه الاعتراف بجذور الأزمة في سوريا ودعم المقترحات التي تقدمها أنقرة لحلها، مثل إقامة مدن للاجئين في المناطق المحررة بشمال سوريا مع إعلان تلك المدن مناطق آمنة. والكرة الآن في ملعب الدول الأوروبية، إما ستقبل المقترحات التركية وإما ستغامر بمستقبل الاتحاد الأوروبي".
وكان المحلل السياسي الروسي يفجيني شيستكوف قال في مقال له في صحيفة "روسيسكايا غازيتا" الحكومية، إنه المؤرخون سيعتبرون الاتفاق التركي الاوروبي هذه الوثيقة "وصمة عار" في جبين أوروبا التي ستجعل أنقرة، وحسب تعبير وسائل إعلام غربية، " سيدة اللعبة" بشكل نهائي وستضع نقطة النهاية في " تملق السياسيين الأوروبيين المقرف للرئيس التركي أردوغان"، على حد تعبيره.
وكان الجانبان التركي والأوروبي، اتفقا خلال القمة المنعقدة في العاصمة البلجيكية بروكسل، في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، على خطة عمل تتضمن جملة من القرارات، أبرزها تطبيق إعادة قبول المهاجرين بين تركيا ودول الاتحاد في يونيو/ حزيران 2016.
وأكدت تركيا، في وقت سابق، أن إعادة قبول المهاجرين المنطلقين من أراضيها نحو أوروبا، لن يشمل اللاجئين السوريين.
وكانت مصادر في رئاسة الوزراء التركية، أفادت الأسبوع الماضي، أنَّ رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، اقترح على الأوروبيين، في بروكسل، تقديم 3 مليارات يورو إضافية، لصالح اللاجئين السوريين (علاوة على ثلاثة مليارات يورو مقررة سابقًا)، واستقبال الاتحاد لاجئًا واحدًا من تركيا، مقابل كل مهاجر غير قانوني يعاد إليها من دول الاتحاد".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!