تامر كوركماز – صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

في أثناء تنفيذ عناصر داعش الهجوم الانتحاري في بروكسل العاصمة البلجيكية وعاصمة الاتحاد الأوروبي ومركز الناتو، كانت  الخيمة الاعتصامية التابعة لحزب العمال الكردستاني مستمرة تحت حماية الشرطة البلجيكية، فنحن هنا نتحدث عن بلجيكا "حامية الإرهاب والإرهابيين" التي ترفض تسليم فخرية أردال المتهمة في عملية اغتيال صبانجي رغم مطالبة تركيا المتكررة بها منذ سنوات.

تركيا التي كانت قد طردت في عام 2015م إبراهيم الباروكي أحد منفذي هجوم بروكسل الانتحاري على خلفية علاقته مع تنظيم داعش كانت قد وجهت التحذيرات لدولة بلجيكا التي بدورها لم تعطِ لتحذيرات أنقرة أي أهمية وأطلقت سراح الباروكي رغم صلته بالتنظيم.

ألا تدعي الدول الأوروبية حساسيتها الفائقة من الإرهاب ومن داعش؟

هذه التحذيرات كانت بمثابة صفعة جديدة لكل أولئك الذين هم في داخل تركيا أو خارجها ويسعون لتشويه سمعة تركيا وربطها بالإرهاب وبداعش.

*

علاقة داعش – حزب العمال الكردستاني قد تم فك شيفرتها، ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى أنه في الهجومين الانتحاريين في محطة قطارات أنقرة وانفجار سوروتش عام 2015م كان المنفذون التابعون لحزب العمال الكردستاني يرتدون قناع عناصر داعش.

*

الدول الأوروبية التي تعاضدت بعد انفجارات باريس وبروكسل، قامت وبعناية فائقة بتجنب أي تعاضد أو مساندة لتركيا عقب تفجيرات أنقرة المتتالية واكتفت بالوقوف بعيدا.

هذه هي ذاتها أوروبا التي تعد مقر ومعقل وملجأ حزب العمال الكردستاني الإرهابي والمخطط والداعم له.

ففي حين صرح رئيس الوزراء الفرنسي قائلا: "نحن في حالة حرب" وأضاء برج إيفيل بألوان العلم البلجيكي ومثله فعلت كل من ألمانيا وهولندا وإيطاليا وأضاءت كل منها أبنيتها الرمزية بألوان العلم البلجيكي ونكست الولايات المتحدة الأمريكية الأعلام حدادا بعد تفجيرات بروكسل؛ ما الذي فعلته هذه الدول عقب هجمات حزب العمال الكردستاني الانتحاري في تركيا، الجواب: لا شيء، واكتفت بدعوات لا تحمل أي قيمة إطلاقا لحل الخلاف والأزمة.

حسنا، ما الذي يمكنها أن تفعله أصلا؟ هذه العصبة هي الطرف المساند لحزب العمال الكردستاني المسؤول عن كل الهجمات الإرهابية في تركيا بما فيها الهجوم الأخير. هذه العصبة التي تنتحب وتبكي قائلة "نحن في حالة حرب" هي ذاتها التي تقاتل تركيا من خلال حزب العمال الكردستاني.

*

قناصل وسفراء الدول الأوروبية ساروا معا في شارع الاستقلال عقب العملية الانتحارية التي استهدفت ذات الشارع. وكان هناك القنصل البلجيكي وبجانبه مباشرة القنصل الأمريكي.

شيء جيد حقيقة، لكن لماذا لم يفكر قناصل هذه الدول أو سفراؤها في المسير يدا بيد احتجاجا على تفجيرات محطة قطارات أنقرة؟

لانه لا يمكن لدبلوماسيي الدول الأوروبية المتلونيين ذوي الوجهين والمعيارين الخروج احتجاجا على عملية نفذها حزب العمال الكردستاني، لا يمكن لأقدامهم أن تطأ تلك المنطقة فهم يخجلون.

هل يمكن أن تكون مشاركة هؤلاء القناصل الأوروبيون في مسيرة شارع الاستقلال لأن معظم الضحايا من الإسرائيليين؟

إن ثنائية المعايير الأوروبية في شأن الإرهاب دائمة الانكشاف، وتتساقط الأوراق التي تستر عوراتها في كل مرة، فإذا ما كان الضحايا أتراك أو مسلمون فإن الأوروبيين لا تتحرك لهم شعرة ولا يتأثرون مثقال ذرة.

*

الولايات المتحدة الأمريكية التي سفكت دماء ما يقارب ثلاث ملايين ونصف مسلم في أفغانستان وما يزيد عن مليون مسلم في العراق تحصد هي والاتحاد الأوروبي ثمار ما زرعوا.

فالهجمات الانتحارية في باريس وبروكسل تشير إلى تحول تلك العواصم إلى ساحة معركة "لحرب لم يتضح اسمها بعد".

وبحار الدماء التي تسببت بها الدول الغربية تطال مدنها الآن وتحصد أوروبا ما زرعته سابقا في هذه الدماء.

*

الدول الغربية أنشأت الإرهاب وأنتجته وغذته ودعمته ووجهته وربتت على ظهره وحمته وساعدت، فهكذا يعمل الجلاديو الصهيوني الصليبي، إذ أن بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي ومركز الناتو تشكل بنفس الوقت عاصمة الجلاديو الأوروبي الذي أنتجته الدولة الأمريكية العميقة.

فالدول التي أنتجت الإرهاب على مدار أعوام طوال أصبحت الآن هدفا للإرهاب العالمي.

بكلمات أخرى، الدول الغربية التي ألقت بذور الفتنة وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط وعملت على إطالة أمد عدم الاستقرار هناك، بدأت الآن تتلقى الضربات من الحركات الإرهابية التي أنشأتها سابقا في حرب لم يتضح اسمها بعد.

فكما تدين تدان ومن زرع الشوك حصد الألم...

عن الكاتب

تامر كوركماز

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس