ولاء خضير - خاص ترك برس

تتردد على وسائل الإعلام أخبار مفادُها، أن القوة التركية المتمركزة في "بعشيقة" في شمال الموصل، تشتبك مع إرهابيي تنظيم "داعش" مجددًا، وتصدُّ محاولتهم للتقدم في المنطقة، ورغم توقف تركيا عن إرسال أي من قواتها الى الموصل، بناء على طلب من الحكومة العراقية، وبضغط من الولايات المتحدة، إلا أنه لم يتضح بعد حجم القوات المتبقية في المعسكر!.

لم يكن الوجود التركي العسكري في بعشيقة حديثًا، بل هي متواجدة في المعسكر، منذ تسعينيات القرن الماضي، وكان ذلك بالاتفاق التام مع حكومة إقليم كردستان العراق، برئاسة مسعود البارزاني، وذلك بالأساس لرصد ومحاربة تنظيم حزب العمال الكردستاني الكردي "PKK"، والذي تصنفه تركيا كمنظمة إرهابية.

وتُعد الموصل ثاني أكبر المدن العراقية، التي يقطنها السنّة، بتجمع بلغ نحو مليوني نسمة، وقد سقطت الموصل بأيدي تنظيم الدولة "داعش"، والذي يسيطر عليها حتى اللحظة منذ شهر حزيران/ يونيو من العام 2014م، بعد اشتباكات جرت بين مسلحي تنظيم داعش، والجيش العراقي، وانتهت بانسحاب الجيش العراقي، وفراره.

وتركز تواجد الجنود الأتراك في شمال العراق، منذ عامين ونصف، بعد وقوع الموصل في أيدي تنظيم داعش، من أجل تدريب ودعم قوات البيشمركة الكردية في إقليم كردستان العراق، فضلًا عن دعم قوات المعارضة الأخرى، ومنها القوات العراقية، المتصدية لتنظيم "داعش"!.

وقد أثار إرسال أنقرة 150 جنديا تركيا، تدعمهم 25 دبابة، منذ ثلاث أِشهر، إلى معسكر "بعشيقة"، على بعد 30 كيلومترا شمال شرق الموصل، ضجة إعلامية كبيرة، ونقدًا لاذعًا من القيادات العراقية، حول أهداف رفع عدد الجنود في هذا التوقيت، وأسباب الوجود.

وتتابعت ردود الأفعال الغاضبة، حيث أكد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في تصريحات له، بعد مرور ما يقرب من 3 أيام على وقوع الحادثة، أن نشر المئات من الجنود الأتراك، سواء بعلم الحكومة العراقية، أو من دون علمها، ما هو إلا "خرق للسيادة الوطنية"، وهو ما اعتبره البعض موقفًا تحت تأثير قوة، وضغط من دول غربية وإقليمية معادية لتركيا.

ثم جاء الرد من الحكومة التركية، حيث صرح رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو بأن "إرسال جنود أتراك إلى الموصل، ما هو إلا تغيير روتيني للقوات، من أجل دعم معسكر تدريب البيشمركة، الذي أنشأته الدولة سابقًا، بناء على طلب محافظ الموصل، وبالتنسيق الكامل مع وزارة الدفاع العراقية".

وزير الدفاع التركي عصمت يلماز، وفي سياق متصل، أكد أن إرسال القوات التركية  ضروري لحماية المستشارين العسكريين الأتراك، الذين يتولون تدريب القوات العراقية، استعدادًا لحملة استعادة الموصل من أيدي تنظيم "داعش".

وعلى أثر ذلك، اتخذت تركيا قرارها بسحب بعض قواتها في ديسمبر/ كانون أول الماضي، بعد تعرضها لضغوط أمريكية أيضا، ولكن لم يتضح حجم القوات المتبقية في المعسكر.

إلا أن تواجد الجنود الأتراك، هو بعلم من قوات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ضد تنظيم "داعش"، وهذا ما أعلنته الحكومة الأمريكية، والمسؤولون الأتراك.

حيث أعلن حينها مسؤولون دفاعيون في واشنطن، أن الولايات المتحدة، على علم بنشر تركيا مئات الجنود الأتراك في شمال العراق، لكن التصريح الأمريكي لم ينته عند هذا الحد، بل أشارت الولايات المتحدة إلى أن هذه الخطوة "ليست جزءا من أنشطة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة"، وهو ما أثار حفيظة الحكومة التركية!.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سبق وصرح أن الهجوم الذي يشنه مقاتلوا تنظيم "الدولة الإسلامية - داعش" على قاعدة عسكرية شمالي العراق، يوضح أن قرار تركيا بنشر قواتها هناك، "كان مبررًا".

وأضاف أردوغان قائلا: "قواتنا المسلحة هناك، وضباطنا يوفرون التدريب، وهم مستعدون لأي شكل من الهجمات أو الغارات، أو أي شيء يحدث".

وتواصل حاليًا الطائرات التابعة للقوات المسلحة التركية قصفها، لما تقول أنه أهداف تابعة لمنظمة "PKK" الإرهابية شمالي العراق، حيث ذكرت القوات التركية المسلحة في بيان لها، أنّ طائرتها الحربية، قصفت ودمّرت أهدافًا تابعة للتنظيم.

رغم تشكيك بعض الخبراء العسكريين في مدى فاعلية هذا التواجد العسكري التركي الضئيل في عملية استعادة الموصل، وأيًا كانت أهداف هذا التواجد، سواء كانت تدريبية، أو المشاركة في عملية تحرير الموصل من أيدي تنظيم"داعش"، إلا أن ذلك لا يقلل أبدًا من حقيقة الدور التركي في العمليات التدريبية داخل العراق، وهو الدور العملي الذي ظهرت جدواه على المقاتلين الأكراد البيشمركة، والمتطوعين العراقيين، من حيث الكفاءة القتالية التي ظهرت في المواجهات أمام تنظيم "داعش"، وصمود القوات التابعة لسلطات كردستان العراق طوال العام الماضي.

عن الكاتب

ولاء خضير

كاتبة وصحفية فلسطينية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس