
ترك برس
رأى الكاتب الصحفي البريطاني، دافيد هيرست، المتخصص بمنطقة الشرق الأوسط، أن الأردن والإمارات ومصر سعداء ببقاء الأسد طالما كان مستمراً في قمع الربيع العربي في سوريا، في الوقت الذي يجمع فيه قادة ومسؤولو تلك الدول على مهاجمة "تركيا" وتوجيه أصابع الاتهام إليها بأنها وراء حركة التطرف والإرهاب فيها.
جاء ذلك في تدوينته له نشرته "هافينغتون بوست"، أوضح فيه أن ملك الأردن عبد الله الثاني، زعم أن تركيا تقف وراء مشاكل المنطقة مع الإسلام الراديكالي المتطرف، وأن التطرف صناعةٌ تركية.
وأشار هيرست إلى أن "الرئيس أردوغان في نظر الملك عبدالله ،يدعم حلاً إسلامياً متطرفاً لمشاكل المنطقة"، وأن "مشكلة الأردن مع تركيا كانت على صعيد استراتيجي وعالمي، ما الذي تفعله تركيا في الصومال؟ سؤال يريد الملك له جواباً".
وتابع الكاتب البريطاني بالقول:
لم يكن من الحكمة أبداً، حتى بين الأصدقاء، أن يهاجم الملك دولة حليفة يحتاجها الأردن الغارق في الديون ومشاكل اللاجئين. وقد انكشفت تفاصيل زيارة يناير/كانون الثاني هذه إلى واشنطن قبل زيارة رسمية لرئيس الوزراء التركي داوود أوغلو إلى العاصمة الأردنية عمّان بيومين.
فلماذا قام الملك عبدالله بهذا؟ وباسم مَنْ كان يتحدث؟
كانت تركيا قد هُوجمت من قبل واتهمت بأنها السر وراء قوة وصمود "داعش"، فمحمد دحلان، أحد كبار حركة فتح والمستشار الأمني لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، كان قد أدلى بتصريحات مماثلة لمؤسسة "حلف الأطلسي في بروكسل"، وهي مركز دراسات استراتيجية تابع للناتو.
اتهم دحلان الغرب بأنه يمثل النفاق في أبشع صوره، فقال: "حسناً، وصل الإرهاب إلى أوروبا، لكن كيف وصل؟ ما من أحد يخبرنا. حسناً، إن كل تجارة النفط العالمية وكل القارة الأوروبية تعرف من يتاجر مع من - مع تركيا. ومع ذلك أنتم صامتون. لو كانت تجارةٌ كهذه تتم مع مصر مثلاً - والتي ليست لديكم أي مصلحة معها ولا تحبون نظامها السياسي - لكنتم أشعلتم حرباً سياسية ضدها".
وتابع دحلان: "إن كل حركة التطرف والإرهاب في سوريا دخلت عبر تركيا وأنتم تعلمون ذلك، لكن هذا لا يزعجكم، والسبب أن لديكم مصلحة سياسية، أو ربما أنا غير قادر على إيجاد تفسير لهذا الذي يحدث. أنا لست ضد تركيا، لكنني أقف ضد عدم كشف حقيقة من لا يواجهون داعش، أولئك الذين يعطونها الدعم والتسهيلات الاقتصادية ويتاجرون معها بالنفط أو يهربون الأسلحة إليها".
من ثم عبّر دحلان صراحةً عن نقطة أيديولوجية تخصّ الدين والسياسة في دولة مسلمة، إذ مدح بلده الجديد الإمارات العربية المتحدة (حيث يُحبس ويعذَب المعارضون وتموّل الانقلابات العسكرية في مصر والتدخلات في ليبيا والاغتيالات في تونس)، وصوّره على أنه دوحة الحرية وواحتها بكنائسها ومساجدها وشواطئها الترفيهية. فقال: "هنا التطور والاهتمام بالشعب وتقديم الرعاية له، ولهذا إن أردنا بناء المستقبل فنعم بالتأكيد علينا اتخاذ نموذج ناجح".
هاجم كلٌّ من دحلان وعبدالله تركيا ليس فقط زاعمين أنها الممول والمسلّح لداعش، بل كذلك هاجموا نموذجها السياسي بديلاً لأنظمتهم الاستبدادية في الأردن والإمارات.
المفروض أن تكون تركيا والأردن والإمارات جميعها في خندق واحد في سوريا، فجميعها جزء من التحالف العسكري بقيادة السعودية، لكن كلاً من عبدالله والإمارات يتعاملان مع هذا التحالف على أنه مجرد كلام. وقد اعترف الملك عبدالله في أثناء جلسة الكونغرس بأن الأردن لم تدخل ذاك التحالف إلا لأنه "غير ملزم".
ما أراه حتى الآن هو أنهم يخوضون جميعاً حروباً مختلفة في سوريا. الأردن والإمارات ومصر سعداء ببقاء الأسد طالما كان مستمراً في قمع الربيع العربي في سوريا. إن آخر ما يريده الملك على حدوده الشمالية هو وجود انتخابات حقيقية، أو تشكيل حكومة تحالف تتقاسم السلطة والثروة. وكانت تركيا قد تفاوضت مع الأسد على مدار 8 أشهر لمحاولة إقناعه بقبول إصلاحات سياسية، في حين أن السعودية وقطر تقبلان وتدعمان بعض المتشددين الإسلاميين ضمن الجيش السوري الحر المعارض أملاً في استمالتهم بعيداً عن المجموعات التابعة لتنظيم القاعدة في حال حدوث انتخابات حرة.
وختم مقاله قائلًا: "سيستمر الصراع والنضال والفوضى في المنطقة إلى أن تتمكن الشعوب من كسر القيود المفروضة عليها واستعادة روح ميدان التحرير. في ذلك الوقت، سيكون أمثال الملك عبدالله ومحمد بن زايد والسيسي ودحلان قد ولَّى زمنهم منذ زمن بعيد".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!