د. أحمد موفق زيدان - خاص ترك برس

لا مفر أمام الشعوب كما أمام الدول من التعامل مع الشائعات والمزاعم وإن كان في الغالب لها أصل، فلا نار بلا دخان، وإن النار من مستصغر الشرر كما قيل من قبل، أقول هذا ونحن نسمع عن المضايقات التي تحصل للشعب السوري على الحدود التركية ـ السورية، وإطلاق نار على بعض المساكين الذين يحاولون النفاذ بجلدهم من نظام مجرم ونظام عالمي أجرم منه، وامتدت  المضايقات لتشمل التأشيرات ودخول الأراضي التركية، حتى تم إبعاد من حضر من دول أوربية ولا يزال كثير من السوريين المهاجرين والمغتربين يعيشون هواجس إمكانية إعادتهم من المطار، أو حرمانهم من التأشيرات ..

لا حاجة ولا داعي للتذكير بالجميل التركي على الشعب السوري، فقد أحسن أحفاد بني عثمان وهذا ليس جديداً على من حكم العالم الإسلامي لأربعة قرون، ولا غرابة ولا جديد على رابطة الأخوة والجيرة بيننا، ولكن نكتب هذا في هذه المساحة التركية الرائعة، ونبث همومنا لبعضنا، ولا نريد أن نبثها عبر وسائل إعلام أخرى، فنحن أحق بحل مشاكلنا وأحق بمعالجة همومنا وانشغالاتنا..

لم يكن قراراً حكيماً إلغاء التأشيرة على السوريين، فما كنا نحب أن ينظر البعض إلى تركيا على أنها دولة انتهازية بمعنى حين كان السوريون في بحبوحة من العيش والحركة رفعت التأشيرة عنهم، أما الآن وفي ظل هذه غيمة المحنة التي تظلهم  فقد فرضت التأشيرات عليهم، وهو أمر سيكون له تداعيات سلبية مستقبلية على علاقات الشعوب ونظرتها لبعضها ..

فمثلاً  السوري ممن يقيم  بدول الخليج وحتى أوربا وأميركا هل كان بحاجة لتأشيرة إلى تركيا وهو في الغالب ليس عليه إشكاليات أمنية وإلا لما قبلته هذه الدول على أراضيها ، والأمر الثاني هو أن هذا السوري القادم إلى تركيا لينتقل إلى أهله في سوريا أو ليلتقيهم في الشتات التركي هو أكبر معيل لهم، وبالتالي هو يعمل على تخفيف المعاناة عنهم وبالتالي  يخفف العبء عن تركيا وبالمحصلة يخدم الاستراتيجية التركية الكبرى في خدمة الشعب السوري وتأمين حياته وتثبيته في أرضه ووطنه..

مرة أخرى أذكر من وحي التجربة الأفغانية فإن باكستان الرائعة التي ينبغي أن تُدرّس تجربتها مع المهاجرين في أرقى الجامعات عن كيفية التعاطي مع اللاجئين والجيران، إذ صمدت ولا تزال تصمد في وجه كل المطارق السياسية والاجتماعية والتفجيرية وعلى مدى نصف قرن تقريبا فلم تفرض تأشيرات على الأفغان ولا على حركاتهم ولا على أعمالهم، فكانت أنموذجاً يحتذى بالفعل لمن أراد العلاقة الدائمة والمستدامة مع الشعوب بعيداً عن قعقعه السلاح  الذي هو آني ولحظي على أهميته اليوم، بالنظر إلى علاقات الشعوب التي هي أعمق من السلاح، وأبعد منه مدى ..

عن الكاتب

د. أحمد موفق زيدان

كاتب وصحفي سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس