ترك برس

ينقل المؤرخ السياسي "أموت أوزقريملي"، في جزء من كتابه الحامل لعنوان "القومية في تركيا واليونان"، والذي قامت مجلة "دارين تاريخ" "التاريخ العميق" بنشره في عددها التاسع والعشرين الصادر في أكتوبر 2014، حوارا دار بينه وبين رئيس الجمهورية السابق "جلال بيار"، مشيرا ً إلى أنه يرتبط بالرئيس المرحوم "جلال بيار" وعائلته بصداقة عائلية قوية تمتد جذورها إلى ما قبل تأسيس الجمهورية التركية، إذ كان هناك الكثير من الزيارات العائلية المتبادلة التي كان يسودها مواضيع متنوعة.

ويبيّن أوزقريملي أن جده، والد أمه، "أكرم خيري أوستون داغ" كان وزير الخدمة الاجتماعية في حكومة "عدنان مندرس" التي قدمت إلى الحكم عام 1950 واستمر حكمها حتى عام 1960، في إطار الحزب الديمقراطي الذي كان يتزعمه "جلال بيار"، موضحا ً أن جده كان صديقا مقربا جدا ً لجلال بيار، وهذا ما جعل الأخير يُجري اجتماع تأسيس الحزب وأهدافه في بيت جده المتواجد في إزمير، حيث يقطن جلال بيار أيضاً.

ويوضح أوزقريملي أنه خلال تواجده في مدينة إزمير كان يحضر بعضا من جلسات جده مع جلال بيار، وبعد فترة استهل عملية أبحاثه حول حقيقة الإبادة الجماعية التي تدعيها أرمينيا على الدولة العثمانية وتطالب الجمهورية التركية بالاعتراف بها ودفع تعويضات جمة لأرمينيا حيال هذه "الجريمة النكراء" حسب ما يصفونها.

ويفيد اوزقريملي أنه كان يعلم أن جلال بيار ليس سياسيا وليد اللحظة، بل هو سياسي مخضرم بدأ مشواره السياسي في عهد الدولة العثمانية، من خلاله توليه رئاسة مكتب حزب الاتحاد والترقي، منوها ً إلى أنه رأى أن كون بيار رئيسا لمنطقة إزمير فهذا يعني أنه على إلمام كبير بالعديد من دهاليز قرارات حكومة حزب الاتحاد والترقي التي تولت مقاليد الحكم في الدولة العثمانية من عام 1912 وحتى عام 1918، لذا قرر زيارته في بيته لسؤاله عن مسألة الإبادة الجماعية.

ويُشير أوزقريملي إلى أنه ذهب إلى منزل بيار، فنزل بيار وابنته "نيلوفار" إلى غرفة الضيافة، مضيفا ً أنه خلال حديثه مع بيار حاز على كم هائل من الخبرة التاريخية التي كان يزخر بها بيار الذي شغل منصب وزير الاقتصاد، ومن ثم رئيس الوزراء فرئيس الجمهورية،  وكان من الممكن أن يستمر في رئاسة الجمهورية لولا الانقلاب العسكري الذي حدث على حزبه عام 1960.

وفيما يتعلق بقضية التهجير الأرمني أو الإبادة الجماعية التي يُدعى أنها ارتكبت بحقهم، ينقل أوزقريملي عن بيار قوله: "أسست الدولة العثمانية عام 1918 محكمة الديوان الحربية بضغط من القوات المحتلة لإسطنبول، وكانت الوظيفة الأساسية لهذه المحكمة هي محاكمة الضباط الذين حاربوا هذه الدول المحتلة بعدة قضايا مُلفقة لهم، لإشعارهم بالندم، إن صح التعبير، عن مشاركتهم في الدفاع عن وطنهم ضد القوى الإمبريالية المحتلة، وحُوكمت أنا بتهمة تهجير الأرمن من إزمير قسرا ً، وبينما أنا في المحكمة سألني القاضي "هل هجرت الأرمن؟ هل قمت بذبحهم؟ هل أرسلت لكم حكومتكم تعليمات بتهجيرهم بشكل كامل؟

"فأجبته بالقول:" لم نقم بأية إبادة جماعية، ولم تأتنا أية تعليمات بهذا الخصوص من الحكومة المركزية، ولو تلقيت مثل هذه التعليمات لقمت بتطبيقها ولو طبقتها لما بقي مواطن أرمني واحد في إزمير."

وقال بيار أيضا ً: إن "المحكمة استمعت إلى أقوالي وسكت القاضي لمدة طويلة، فشعرت بالملل، فخاطبتهم قائلا ً: "لا يوجد أي دليل على قيامنا بإبادة جماعية كما تدعون، وإن لم يكن لديكم أي سؤال آخر، اسمحوا لي بالانصراف، وخرجت من باب المحكمة منتظرا ً أن يلحق العسكر بي،  ولكنهم لم يتبعوني، ومنذ ذلك الحين لم تراجعني أية جهة قانونية بذلك الخصوص، لأنهم لا يمتلكون أدنى دليل على ذلك".

وعقب سرد أوزقريملي لأقوال بيار، يؤكّد على أن تصريحات بيار تعد شهادة تاريخية لرجل عاصر تلك الأحداث جميعها، مبينا ً أن الذي يدعي أن الدولة العثمانية ارتكبت مثل هذه الجرائم فليظهر دليلا واحدا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!