محمد حامد - خاص ترك برس

أظهرت دراسة تركية حديثة أن غالبية الشباب الأتراك يعارضون التعاون العسكري بين تركيا وإسرائيل، ويرون أن هذا التعاون فرض في الماضي على تركيا التي صارت في الوقت الحاضر قوة إقليمية كبرى، ولم تعد في حاجة إلى إسرائيل لكي تكون بوابتها إلى الغرب ولاسيما إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وتناولت الدراسة التي أعدتها الباحثتان بورجو جولتكين بونسمان وسنام شيفيك من جامعة أنقرة، ونشرت صحيفة هآرتس مقتطفات منها، التغييرات التي حدثت في صورة إسرائيل وفهمها لدي الجيل الشاب في تركيا. وشملت 26 شابا تركيا تتراوح أعمارهم بين 25-30 عاما ينتمون إلى كافة الشرائح الاجتماعية وبعضهم مؤيد للحكومة التركية وبعضهم معارض لها، ومن المشتغلين بالسياسة ومن الذين لا يهتمون بالعمل السياسي.

وبحسب الدراسة فإن غالبية المستطلعة آراؤهم يرغبون في زيارة إسرائيل أو على الأدق فلسطين بالنسبة لهم، ولا سيما زيارة القدس والمسجد الأقصى، ولم يشيروا إلى زيارة مدن أخرى مثل يافا وحيفا. وأقر المستطلعون أنهم لا يعرفون الكثير عن إسرائيل ولا اليهود، ولكنهم وصفوا الصهيونية بأنها حركة فاشية مميزين بينها وبين اليهودية بوصفها ديانة.

وتشير الباحثتان إلى أن الأتراك لم يعودوا بنظرون إلى إسرائيل على أنها بوابة تركيا إلى الغرب وإلى الولايات المتحدة، فقد انتهت الفترة التي استطاعت فيها إسرائيل تسويق أهميتها الإستراتيجية إلى تركيا عبر علاقاتها مع الولايات المتحدة، حيث إن تركيا صارت تنظر إلى نفسها كقوة إقليمية يمكن أن تدير سياستها الخارجية بشكل مستقل دون الاعتماد على وسطاء، وصارت لها القوة السياسية التي تمكنها من التوقيع على اتفاقيات اقتصادية وأمنية مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا دون الحاجة إلى الوساطة الإسرائيلية التي أخذت قوتها في التراجع.

وبحسب آراء المستطلعة آراؤهم فإن إسرائيل لم تعد حليفا عسكريا لتركيا، ويرجعون أهميتها بالنسبة لتركيا إلى التعاون الاقتصادي فحسب. ورأى معظمهم أن منظومة العلاقات العسكرية بين تركيا وإسرائيل هي منظومة فرضت على تركيا، حيث يعارض معظم الأتراك سياسات إسرائيل في إشارة إلى الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتعامل إسرائيل مع الفلسطينيين.

وتشير معدتا الدراسة بإسهاب إلى أهمية التعاون العسكري بين تركيا وإسرائيل خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي، عندما وقع البلدان على عدة اتفاقات عسكرية وضعت الأساس لتطور العلاقات بينهما في المجال الاقتصادي. وترجع الدراسة العلاقات العسكرية الوثيقة بين البلدين إلى شعورهما بالعزلة في منطقة الشرق الأوسط، ورغبة كل منهما في العثور على صديق لا تعتمد العلاقات معه على المصالح الضيقة فحسب، بل على الخلفية المشتركة والتاريخ.

لكن عملية البحث عن صديق واعتماد إسرائيل حليفا لتركيا مرت بفترات من المد والجذر، فمن ناحية كانت تركيا أول بلد إسلامي يعترف بإسرائيل، ولكنها من ناحية أخرى أظهرت فتورا نحو إسرائيل نتيجة الضغط العربي فخفضت مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى درجة السكرتير الثاني بعد ضم القدس عام 1980 أو لأسباب تتعلق بالعلاقات الثنائية بينهما مثل قضية أسطول الحرية الذي اعتدى عليه الجيش الإسرائيلي.

وتشير الدراسة إلى أن السعي التركي إلى الهوية الغربية التي فرضت في عهد كمال أتاتورك مؤسس الدولة، والسعي إلى التحديث فرض نفسه إلى حد كبير على توجهات السياسة الخارجية التركية  التي كانت إسرائيل في صدارتها.

لكن منذ ذلك الحين غيرت تركيا توجهاتها وبدلا من محاكاة دول أخرى، بدأت تقدم نفسها بوصفها هي نموذجا يحتذى به، واستبدلت بالرغبة في أن تكون دولة غربية بهدف آخر هو أن تكون جسرا بين الشرق والغرب. وهذا التغير في السياسة  تجلى خلال العقد الأخير تحت قيادة أردوغان حيث تضاءل دور إسرائيل بوصفها نموذجا يحتذى، ومن ثم يقترح الشباب التركي موضع الدراسة إلى البحث عن طريقة جديدة للعلاقات تقوم على أساس المنفعة ولاسيما المنفعة الاقتصادية، وإذا كانت هناك فائدة اقتصادية من تعزيز العلاقات مع إسرائيل، فإنها ستظهر على الصعيد السياسي المحلي.

وحول موقف الأتراك من إسرائيل فإن نتائج المسح الذي أجرته الدراسة لشبكات التواصل الاجتماعي في تركيا بينت أن هناك ثلاث مجموعات رئيسة: اليساريون الذين يؤيدون مقاطعة إسرائيل، وشريحة الإسلاميين الذين ينضح خطابهم بالكراهية والسباب لإسرائيل، ومجموعة ثالثة تهتم بالمنتجات المعدلة وراثيا، وتتهم إسرائيل بإغراق السوق التركية بالبذور المعدلة وراثيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!