غالب دالاي – صحيفة قرار - ترجمة وتحرير ترك برس

خلافًا للاعتقاد السائد فإن حزب الاتحاد الديمقراطي لا يملك حتى الآن حليفًا دوليًا هامًا. وعلى الرغم من وجود متعاطفين ودول داعمة له، ولكن لا يوجد حليف دولي قوي له. لأن كلًا من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لم تمنح الحزب دور الحليف على المدى البعيد. وكلاهما تعملان معه نتيجة اختيارات وأسباب ظرفية. ولكن من الخطأ اعتبار علاقة العمل هذه علاقة تحالف قوي منظم.

وعلى الرغم من رغبة القوى الرئيسية الراعية لحزب الاتحاد الديمقراطي وعلى رأسها روسيا في انضمامه إلى محادثات جنيف، وعدم إصرارها على هذا الموضوع أمام الاعتراضات التركية، يبدو أنها عجزت عن تفسير العلاقة بين هذه القوى والحزب من خلال مصطلح "الحليف".

حيث تحول حزب الاتحاد الديمقراطي بفضل داعش إلى حقيقة موجودة فعليًا. كما يحاول العلمانيون أنفسهم تقديمه بوصفه كيان معادي لداعش، ومعادي للإسلام أيضًا. ومحاولة هذا الكيان الحصول على تعاطف من الغرب. ولكن هذه الاستراتيجية المفيدة حاليًا لا يمكن أن تكون بعيدة المدى. وفي حال استمد حزب الاتحاد الديمقراطي شرعيته الكاملة من حربه مع داعش، وكونه وسيطاً لدى عملاء أساسيين في سوريا، فإنه سيصبح عاطلًا عن العمل في حقبة ما بعد داعش. ولكن كيف كان للحزب أداء هذا الدور ووضع تصور حول مستقبله، لو لم تكن داعش موجودة أو ضمن توازن لم تتمكن فيه حساباته السياسية من التأثر بهذا الحجم؟

وبهذا الخصوص ينبغي إيلاء أهمية إلى تجربة أكراد العراق. فقد صنفوا أنفسهم كمعارضين أشداء لنظام البعث. وأقاموا تحالفًا مع القوى الدولية التي شنت حربًا ضد نظام صدام حسين خلال حربي الخليج. وبسبب هذه المواقف نالوا دعم واهتمام العديد من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن لم يختزل أكراد العراق أنفسهم في حركة معارضة لصدام حسين ونظام البعث فحسب. وبدلًا من ذلك، أبدوا نشاطًا في العراق والمجال الدولي كعامل سياسي قائد للأكراد. ولم يعزلوا أنفسهم مرة أخرى عن المعارضة الواسعة المعادية لصدام حسين داخل البلد. وبناءً على ذلك نالت مطالب أكراد العراق مشروعيتها في داخل العراق وخارجه، وعززوا من مكانتهم السياسية.

وعند عودتنا إلى موضوع حزب الاتحاد الديمقراطي؛ فإن المناطق التي نالها الحزب بدعم روسي وأمريكي وانتصاراته العسكرية المعترف بها، لن تتحول تلقائياً إلى شرعية سياسية. وفي حال استطاع تحويلها إلى عوامل لكيان سياسي ناجح، لا يعني ذلك بالضرورة حصوله على تلك الشرعية في الوقت نفسه. لأن الشرعية السياسية تتطلب أكثر من ذلك. وفي هذا السياق، فإن أولى أزمات الحزب متعلقة بكيفية تطوير علاقاته مع المجموعات الكردية الأخرى. فقد قام الحزب حتى هذا اليوم بتطهير المنطقة وإزالة جميع المجموعات الكردية الأخرى من الساحة بوسائل عسكرية. وعلاوة على التعريف بالمناطق التي أنشئت بقيادة الحزب كمنطقة كردية، تهيأ له تعريفها كمناطق لـ بي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي. ومما لا شك فيه أن هذا الوضع وارد بالنسبة إليهم، عندما ستصبح الشرعية السياسية لمنطقة كردية أقوى. واستمرارًا لذلك فإن الحزب سيعتمد على كيفية إقامة علاقات هامة مع المجموعات الكردية الأخرى، وإلى أي مدى سيصبح عاملًا كرديًا طبيعيًا ومشروعًا، إلى جانب معاداة داعش، ووجود الحزب على المدى البعيد وأهميته الاستراتيجية.

وتعد العلاقات مع المعارضة السورية عاملاً آخر سيحدد أهمية الحزب. لأنه لم يتمكن من نيل الشرعية السياسية التي يبحث عنها، من خلال عزله بشكل كامل عن مجموع المعارضة السورية وتطهير المنطقة في الأحياء الكردية داخل سوريا. ولكن كما أشرت في إحدى المقالات سابقًا، أن المعارضة السورية ليست خالية من القومية العربية. مما أدى إلى اعتباره عاملاً سهل من عمل الحزب. وعلى الرغم من ذلك فإن الحزب لن يستطيع الرهان عليه بأي شكل من الأشكال من أجل نيل الشرعية الدولية التي يبحث عنها، طالما عجز عن الاستغناء عن الأرضية المشتركة مع المعارضة السورية.

وهناك احتمال قوي أن يضطر الحزب إلى القيام باختيار بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في الفترة القادمة. لأن السبب الرئيسي لاستمرار هذه العلاقات الثنائية للحزب حاليًا، هو عدم وجود تضارب واضح جداً بين الرؤى السورية لدى كلا الدولتين، وعدم إظهار الولايات المتحدة الأمريكية موقف حازم. ولكن في حال حصل تضارب بين هاتين الدولتين بأي وقت من الأوقات، فإن الحزب سيضطر إلى الاختيار بينهما. ومن الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب في معاملة بي كي كي على أنه الكيان الوحيد الموجود في جميع أنحاء الدولة. وتفضل بدلاً من ذلك تقسيم بي كي كي إلى كيانات مثل حزب الحياة الحرة الكردستاني، وحزب الاتحاد الديمقراطي، وحزب الحل الديمقراطي الكردستاني. والتنبأ بتشكيل كل واحد من هذه الكيانات أولويات ومشاكل وشروطاً قومية لدى الدولة الموجود داخلها. والتوقع بأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تخفف من العبء الملقى على عاتق بي كي كي بشكل أو بآخر، ولن يحدث أي تجديد دراماتيكي قوي في السياسية الكردية الإقليمية. ولكن، يمكننا رؤية عدم تبني بي كي كي لهذه الخطة عند الأخذ بالحسبان سيطرته وتأثيره على هذه التنظيمات. وهكذا يبدو أن موضوع إلى أي مدى ستنفصل التنظيمات التابعة لـ بي كي كي عنه سيشكل أحد عناوين النقاش الهامة في السياسة الكردية الإقليمية في المستقبل القريب.

عن الكاتب

غالب دالاي

مدير البحث في منتدى الشرق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس