جلال سلمي - خاص ترك برس

1

أدى إعلان رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو" عن عدم نيته للترشح لزعامة حزب العدالة والتنمية من جديد، إلى توجيه الأنظار نحو سمات وتفاصيل العهد الجديد للحزب.

وقد بدا واضحا ً، منذ إقرار البرلمان ذي الأغلبية التابعة للحزب، في آب/ أغسطس 2014، الذهاب إلى اختيار الرئيس عبر الانتخابات وليس عبر البرلمان كما جرت العادة، أن هدفه الأساسي في المرحلة المقبلة هو النظام الرئاسي.

وبدا واضحًا أيضًا أنه على الرغم من ترويج أردوغان للنظام الرئاسي على أنه النظام الأمثل لتركيا وما تعاني منه من أزمات ورغم سعيه إلى ذلك، إلا أن داود أوغلو الذي تسلم زعامة الحزب ظنًا منه أن أردوغان سيلتزم المواد الدستورية الحاصرة لصلاحيته اتجه نحو ممارسة مهامه كزعيم للحزب ورئيس للوزراء بشكل مستقل عن رؤية أردوغان الهادفة لإرساء النظام الرئاسي، الأمر الذي أدى إلى نشوب خلاف اضطر داود أوغلو بسببه لتقديم استقالته.

2

وفي ذلك الإطار أصبح السؤال الذي يدور في خلد الجميع الآن هو كيف ستكون خصائص العهد الجديد لحزب العدالة والتنمية ما بعد داود أوغلو؟

ما سيحدث عقب ذلك هو:

ـ عقب استقالة داود أوغلو في الاجتماع الاستثنائي للهيئة التنفيذية والإدارية العليا لحزب العدالة والتنمية المزمع عقده في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، فإن الشخص الذي سيتم تعيينه لرئاسة الحزب سيكون رجلا مسايرا لأجندة أردوغان بشكل تام، وسيتم إضعاف سلطة معارضي النظام الرئاسي داخل الحزب.

ـ سيكون الهدف الأول والأساسي لحزب العدالة والتنمية هو بذل كافة الجهود للانتقال إلى النظام الرئاسي، ولذلك سيتم تسليط الضوء بشكل أساسي نحو رئيس الجمهورية أردوغان الذي سيعود إلى وسائل الإعلام بكافة ثقله كما كان في السابق.

ـ سيكرس الحزب كما هائلا من طاقته نحو تخفيف صلاحيات الجهاز القضائي.

ـ ستخصص وسائل الإعلام التابعة للحزب كافة جهودها للترويج لمميزات النظام الرئاسي.

ـ سيرّكز حزب العدالة والتنمية على تعديل عدد من مواد الدستور الخاصة بصلاحيات الرئيس (المادة 101) ورئيس الوزراء (المادة 112)، حيث بطبيعة الحال سيتم توسيع صلاحيات الرئيس وإضعاف صلاحيات رئيس الوزراء.

3

والتساؤل الأهم في هذه المرحلة؛ هو هل سيبرز تيار معارض لتوجه أردوغان داخل حزب العدالة والتنمية يؤدي إلى حدوث شقاق داخل الحزب يشبه الشقاق الذي آل إليه حزب الوطن الأم عام 1991؟ الذي ظهر عندما حاول زعيمه "تورغوت أوزال" الذي أصبح رئيسًا للجمهورية عام 1991، إبقاء سلطته على الحزب من خلال "يلديريم أق بولوت"، سعيًا لإرساء النظام الرئاسي، إلا أن المعارضة الشديدة من أحد قيادات الحزب المدعو "مسعود يلماز" الذي جمع جمعه داخل الحزب وقلب الطاولة على طموح "تورغوت أوزال" على الرغم من شخصيته الكاريزمية وسيطرته القوية على الحزب، أحدثت شقاقا واضحا داخل حزب الوطن الأم، أدى إلى انهيار الحزب على الصعيدين التنظيمي والشعبي.

لا يمكن لي البت أكثر من ذلك في الجانب النظري، إذ أن حدوث تلك التجربة في الماضي لا يعني حتمية تكرارها في الوقت الحالي، لذلك أترك الأمر للمستقبل، ولكن لا أحد يمكن له أن ينكر أن حزب العدالة والتنمية سيواجه بعض الانقسامات في المستقبل، لا سيما أن الكثير من القيادات المؤسسة للحزب تم إضعاف سلطاتها داخل الحزب حتى الصفر.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس