جلال سلمي - خاص ترك برس

قدم حزب العدالة والتنمية تجربة فريدة في تنمية تركيا على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي، أما حركة النهضة فقد قدمت مثالا نموذجيا في احتواء المعارضين وانتهاج سياسة معتدلة جنبت تونس ما أصاب غيرها من البلدان، على حد وصف عدد من المحللين والمطلعين.

وفي إطار توضيح أوجه التشابه والاختلاف بين التحرك السياسي لكلا الطرفين، تناولت صحيفة خبر ترك الموضوع في تقريرها "الاعتراض الأساسي على تحرك النهضة قادم من السلفيين"، الذي عددت فيه أوجه التشابه كما يلي:

ـ تعريف الشيخ "راشد الغنوشي" نفسه على أنه رجل مسلم أو محافظ ديمقراطي، وكان آخر إشارة له لذلك مؤتمر النهضة العاشر الذي تم تنظيمه ما بين 20 23 أيار/ مايو الجاري، تماما كما قام مؤسس حزب العدالة والتنمية "رجب طيب أردوغان" بتعريف نفسه كذلك في أكثر من لقاء أو مؤتمر، وتعريف القادة أنفسهم بهذا الشكل ينهم عن إطار إيديولوجي للأحزاب التي يقودونها، فهذا يعني بأن أحزابهم أحزاب شعبية حاضنة للجميع.

ـ فصل الدعوة عن السياسة: تنطلق الأحزاب الإسلامية في تحركها السياسي جامعة بين الدعوة الدينية والسياسية، وفي تركيا استمر الحزب الإسلامي الأكبر "حزب الرفاه" وخلفه "حزب الفضيلة" (حزب السعادة حاليا) على هذا النهج حتى عام 1998، حين انفصل رجب طيب أردوغان وعبد الله غل وبولنت أرينتش عن الحزب تحت إطار "مجموعة المجددين" التي استمرت بأعمالها التنظيمية حتى تاريخ 14 آب/ أغسطس 2001، حين تم تأسيس حزب العدالة والتنمية المحافظ، لكن السياسي البحت الذي يفصل بين الدعوة والسياسة، وأيضا أكّد الغنوشي على ذلك خلال مؤتمره العاشر الأخير، حين شدد على ضرورة فصل الدعوة عن السياسة في العمل الحزبي، لعدم تشتيت الجهود وتكثيفها على العمل والإصلاحات السياسية.

ـ معارضة الأحزاب الإسلامية الأخرى: على الرغم من حجم النجاح الملحوظ الذي حققه الطرفان على الصعيد السياسي والاقتصادي، إلا أن السلفيين في تونس وبعض الأحزاب الإسلامية في تركيا ما زالت تعارض هذا الفكر الإسلامي الديمقراطي المواكب للحضارة والحاضن لكافة الأطياف السياسية.

وفيما يتعلق بأوجه الاختلاف، فيتطرق إليها الخبير السياسي "برهان الدين دوران" في مقاله "أيهما المثال النموذجي؛ حزب العدالة والتنمية أم حركة النهضة؟" لصحيفة صباح على النحو التالي:

ـ سبقت حزب العدالة والتنمية حركة النهضة في التطبيق؛ حيث استلم حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم في تركيا عام 2002 وما زال إلى يومنا هذا ماضيا في قيادة تركيا، على العكس من الشيخ الغنوشي الذي بدأ فكره نظريا في بريطانيا، ولم يتمكن من تطبيقه إلا بعد ثورة الياسمين، ولم يستمر طويلا في إدارة البلاد حيث اضطر لتسليم الحكومة لحزب نداء تونس العام الماضي، ولكنه غادر السلطة متوجا تجربة باهرة فيما يتعلق بتفنيد النظرية العلمانية الإقصائية التي ادعت بأن الإسلاميين عاجزين عن مواكبة الديمقراطية والحريات.

ـ قدوم حزب العدالة والتنمية على وقع دولة ديمقراطية، أم حركة النهضة فجأت عقب ثورة؛ وهذا تولد عنه اختلاف في الفرص والبرامج المتبعة، فبينما كانت مهمة حزب العدالة والتنمية هي إرساء الاستقرار السياسي والاقتصادي والحقوقي في إطار دولة ديمقراطية عائقها الأكبر تدخل الجيش، كان أمام حركة النهضة تحدي عميق يحتم عليها المحافظة على ثورة الياسمين من المتربصين الداخليين والخارجيين الذين أعدوا لها ما استطاعوا لإسقاطها والقضاء عليها، وحكمة الغنوشي وحنكته السياسية حمت الثورة التي أصبحت تمثل أنجح نموذج مقارنة بثورات الشرق الأوسط الأخرى.

وفي ختام مقاله، يؤكّد دوران على أن الطرفين اختلافا في فترة الحكم والحالة التي على أثرها قدما إلا أن كل منهما اتفق في قضية "المسلم الديمقراطي التنموي" وابتعدا عن فكر "الإسلام السياسي" التقليدي، وبذلك شكلا الطرفان أنجح تجارب الإدارة السياسة.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس