جلال سلمي - خاص ترك برس

أشار عدد من الخبراء السياسيين الأتراك في العديد من مقالاتهم التقييمية، إلى أن تركيا انتقلت لعصر جديد، عندما قامت بانتخاب رئيس جمهوريتها بشكل مباشر بتاريخ 10 آب/ أغسطس 2014، مؤكّدين أن هذا التحرك نوّه إلى أن المركز السياسي الجديد في تركيا، بعد الآن، هو قصر الرئاسة وليس قصر "تشانكايا" الخاص برئاسة الوزراء، إذ أصبح هناك دليل قاطع على أن تركيا تتجه نحو إرساء نظام حكم جديد، ألا وهو النظام الرئاسي.

أصاب الخبراء السياسيين الأتراك الذين أدعوا ذلك ولا غبار على حديثهم في ظل إعلان رئيس الجمهورية "رجب طيب أردوغان" أن "هذه الخطوات هي خطوات بالفعل تهدف إلى إرساء النظام الرئاسي الذي سيخدم تركيا بشكل أفضل".

رغبة حزب العدالة والتنمية في إرساء النظام الرئاسي يعوقها الدستور والنظام السياسي الساريين في البلاد، واللذان يظهران عدم تناسقهم الواضح مع تلك الرغبة، إذ أنهما يحدان بشكل كبير من صلاحيات الرئيس لصالح رئيس الوزراء.

عدم التناغم بين الدستور ورغبة حزب العدالة والتنمية "الأردوغاني"، إن صح التعبير، كلف الحزب الكثير من التكاليف الباهظة، إذ ظهرت للسطح أزمة متراكمة تحمل في طياته الكثير من الخلافات بين رئيس الجمهورية "رجب طيب أردوغان" الراغب بنظام رئاسي تام وبين رئيس الوزراء وزعيم حزب العدالة والتنمية بعد أردوغان "أحمد داود أوغلو" الراغب بنظام رئاسي معتدل يتقاسم به الرئيس والبرلمان الصلاحيات. أدت الأزمة المذكورة إلى اضطرار رئيس الوزراء السابق "أحمد داود أوغلو" إلى تقديم استقالته، الأمر الذي أحدث بعض الاهتزاز السياسي الجزئي داخل الحزب، وأثر على فعالية مسار السياسية والاقتصاد التركيين.

يدعي الخبراء السياسيين والساسة المقربين أو العاملين داخل إطار حزب العدالة والتنمية بأن النظام البرلماني أنهك تركيا كثيرا عبر حكوماته الائتلافية التي حكمت تركيا طويلا ولكن لم تحقق أي نجاح ملحوظ، بل أهدرت مالها العام ودمرت نظامها الاقتصادي، ويدعون أيضا بأن الجهاز البيروقراطي الذي يعمل في إطار النظام البرلماني، يشكل عائقا كبيرا أمام تنفيذ الإنجازات المنشودة.

ماذا يُنتظر من بن علي

يمكن إيجاز رؤى المحللين السياسيين المقربين من حزب العدالة والتنمية فيما يتعلق بالأمور المنتظرة من بن علي على النحو التالي:

ـ إنهاء حالة عدم التناغم الموجودة بين الإرادة الشعبية والدستور "الانقلابي"، وذلك من خلال بذل الجهود المضنية لإقناع أعضاء وعناصر حزب العدالة والتنمية بنجاعة النظام الرئاسي وأيضا إقناع بعض الأحزاب السياسية المعارضة لتوحيد الخطى وإنجاز التغييرات الجذرية اللازمة.

ـ مراعاة جوانب آلية العمل الجديدة التي سيتم تأسيسها بين رئيس الجمهورية والحكومة.

ـ الحرص على الالتقاء بالرئاسة في القضايا العاجلة، وعدم الإقدام على سياسات استراتيجية تخالف رؤية الرئيس، كما فعل داود أوغلو حيال مشكلة اللاجئين.

ـ رفع وتيرة محاربة الإرهاب والكيان الموازي المتغلغل داخل أركان الدولة.

ـ مراعاة الإجراءات التي ستتم لإظهار رئيس الجمهورية على أنه رأس هرم السلطة والممثل الأعلى للشعب التركي.

ـ التركيز على تغيير المادة 101 من الدستور، والتي تحد من صلاحيات رئيس الجمهورية، والمادة 112 التي تجعل رئيس الوزراء مسؤول بشكل أكبر عن القضايا الداخلية والخارجية، حيث يسعى حزب العدالة والتنمية إلى توسيع نطاق صلاحيات الرئيس والحد من صلاحيات رئيس الوزراء، وكما أن المادة 104 و105 و109 و117 المتعلقات بمهام ومسؤوليات الرئيس ورئيس الوزراء، وما ينتظر من بن علي هو دعم تغيير كافة المواد المذكورة أعلاه بأسرع وقت ممكن.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس