فؤاد أوغور- صحيفة تركيا - ترجمة و تحرير ترك بس

بعض "المحللين الاستراتيجيين" يرون أنه يتوجب على السلطات في أنقرة أن تقرر هل داعش أم حزب العمال الكردستاني هو التهديد الأقوى بالنسبة لتركيا. وجهة النظر هذه هي إحدى الآراء المنبعثة إثر الهجوم الإرهابي الذي استهدف مطار أتاتورك، ولكم أن تتخيلوا هذا الحديث مع صدى صوت في الخلفية إذ قالوا:

حسنا، وقعتم اتفاقية مع إسرائيل، وحصلت تقاربات مع روسيا وانتم على وشك اتفاقية مع الروس، كل هذا لا يهمنا حقيقة ولكن هل تظنون أن الأمور ستتوقف عند هذا الحد؟

نحن نؤسس دولة لحزب العمال الكردستاني وأنتم لا تكتفون بعدم الاعتراف بها ولكن تستغلون كل فرصة سانحة لتوجيه الضربات لها.

نحن نوجه لكم التحذيرات ونقول لكم ضعوا حد وأوقفوا "هذه الحرب الخالية من اي معنى والتي تدعون أنها حرب على الإرهاب"، وفي مقابل ذلك سوف تنعمون بالطمأنينة والرخاء الاقتصادي.

هل شاهدت ما تفعل داعش!

إنها توجه لكم ضربات في الصميم. أما حزب العمال الكردستاني فيمكنكم السيطرة عليه. تعالوا لنتفاهم تعالوا لنجلس إلى طاولة المفاوضات وبعدها ستتفرغون لداعش وسنقدم نحن لكم المساعدة كذلك. ألا تقولون أنكم ترغبون في "إنقاص عدد الأعداء" تعالوا لنتفق فهذه فرصة لإنقاص عدد الأعداء...

هذه الكلمات وهذا الحديث يبدو أنهم مألوف لأذانكم.

إن القول إن داعش هي فئة بذاتها وإنها تقوم باختيار أهداف عملياتها الإجرامية الفظيعة بذاتها ما هو إلا ضرب من الرعونة والغباء. فداعش أصبحت تستخدم كصولجان تهديد. ففي سبيل دفع تركيا للاعتراف بدولة حزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديمقراطي في الشمال السوري أصبحنا نلعب على حبال الموت. فهم يعملون من خلال داعش على إنهاء الاعتبار التركي على الساحة الدولية كما يعملون على ضرب الاقتصاد من خلال تدمير القطاع السياحي للضغط على تركيا لتنفيذ طلباتهم.

هناك من يظن انه لا علاقة للاتفاق الإسرائيلي والمصالحة مع روسيا بما يحدث لكن المتتبع بشكل موضوعي لسلسلة الأحداث المستمرة منذ فترة طويلة يلحظ أن الهجمات تهدف لضرب قطاع السياحة. فالأحداث والاتفاقيات الأخيرة تشير إلى امكانية عكس البوصلة لتحسين السياحة خصوصا مع إعلان روسيا أول امس عن نيتها لفتح الرحلات السياحية على تركيا من جديد.

بالنهاية نوعية وشخصية الإرهاب تغيرت. ولكنها مستمرة بشكل أو بآخر في تهديد الإنسانية بوحشيتها. التساؤل هنا: هل داعش أو حزب العمال الكردستاني أكثر إرهابا؟ تساؤل بلا معنى، وبعبارة أخرى حاله كحال السؤال "الموت بالمقصلة أم بالسيف؟".

هذه الأصوات المتعالية بعد هجوم مطار أتاتورك تقول "إن كلاهما ليس واحدا، إنهما مختلفان، لا بد لتركيا أن تجلس على طاولة الحوار مع أحدهما"...

ولذلك سأشارككم الفروق بين حزب العمال الكردستاني وداعش:

1- داعش تستخدم الانتحاريين الرجال فيما يفضل حزب العمال الكردستاني الانتحاريات السيدات.

2- داعش التي تقف كل أوروبا والعالم ضدها لا تملك حزب سياسي أو أعضاء برلمان أو وسائل إعلام "قانونية"، على العكس من ذلك من يتهم بمد يد العون لداعش يتم تشويهه عالميا. أما حزب العمال الكردستاني فيملك حزب الشعوب الديمقراطي ويملك كذلك عدد من نواب البرلمان خارج هذا الحزب مثل أيرين أيردم وسيزكين تانركولو من حزب الشعب الجمهوري. كما أن هناك طائفة من الكتاب والإعلاميين الذين يدعمون حزب العمال الكردستاني أمثال حسن جمال، وأحمد ألتان، ومراد بيلغين وهايكو بغداد.

3- داعش تنظيم إرهابي ذو خلفية دينية فيما يعتبر حزب العمال الكردستاني ذو خلفية عرقية وايديولوجية يسارية، الأمر الذي يجعل حزب العمال الكردستاني أكثر تقبلا في الغرب من داعش.

4- داعش لا تملك في تركيا أو في الغرب صحفًا أو محطات تلفازية مرخصة على العكس من حزب العمال الكردستاني الذي يمارس ويقول كل ما يرغب به بطريقة "مشروعة"، حتى أن أخ رئيس حزب الشعوب الديمقراطي قد يخرج ويتلو أبيات المدح والرثاء لقتلى الحزب.

5- تختار داعش المدنيين هدفًا لهجماتها فيما يوجه حزب العمال الكردستاني ضرباته من خلال الشاحنات المحملة بالمتفجرات للعساكر والشرطة.

6- تخطت داعش مرحلة توجيه الرسائل الكلاسيكية من خلال الهجمات منذ زمن وهي الآن في مرحلة "العقاب والجزاء" ولهذا السبب فهي تسعى إلى "قتل اكبر عدد من البشر، وقتل الناس الأكثر مسالمة" وتتبنى كذلك عملياتها "بغرور وفخر". على الرغم من أن حزب العمال الكردستاني يلتقي مع داعش في هذه النقطة إلا أن هناك فرق صغير فبعد العمليات يحاول الحزب التهرب من تبني العمليات ويحاول أن يلقي بالمسؤولية على ظهر أحزاب صغيرة هناك أو هناك، بمعنى آخر أنه لا يتبنى عملياته بفخر كما تفعل داعش، فحسب تصريحات الحزب أنهم ينفذون أعمالا يمليها عليهم الواقع النظري للأمور وأن الظروف هي ما يدفعهم لتنفيذ مثل هذه الإعمال الإرهابية.

7- داعش تَعِدُ الانتحاريين بالجنان فيما يعد حزب العمال الكردستاني انتحارييه بأن يطلق أسماءهم على الحدائق والمتنزهات.

الفروق كثيرة، والمقارنة طويلة.

ولكن لنعد إلى سؤالنا ذي العشر علامات: هل إرهاب داعش أم إرهاب حزب العمال الكردستاني أكثر تأثيرا على تركيا؟ ما الذي يتوجب على تركيا فعله؟ إذا رفضت تركيا اختيار أي من هذين الطرفين الإرهابيين هل هناك طريق ثالث تسلكه؟ أم انها ستسير على الطريق الذي وضعتها عليه الظروف؟

وإني لأتساءل هل هناك إجابة لهذه الأسئلة؟

عن الكاتب

فؤاد أوغور

كاتب في صحيفة تركيا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس